" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

* قصائد وأبيات مختارة

القصيدة التي رثى بها الوالد حفظه الله الوالدة رحمها الله

أم الأمين
خـليـليّ قُـوما بالبـقيع وسلّما
وخُـصا بـه قـبراً هنـاك مُعلّما
ولا تبـخلا بالدمع إن سال منكما
فعيـناي قبل اليـوم سالت به دما
وإن تُـتحِفا " أم الأمين " بدعوة
فإنـي لأرجـو أن تُثابـا وتُرحما
وإن تدعـوا لـي بالتصبّر بعدها
فـإنّـي لأرجو أن يجاب دعاكما
******
وما النـاس إلا قـادم ومُـودَّع
نُسـرُّ بـه طفـلاً ونبـكيه قيّما
وما المـرء مهـما عاش إلا كقادم
علـى قومه ضيفاً وراح مُكـرما
ونبني على الأوهام صرحاً مهلهلاً
إذا مـسّـه اليـوم العصيب تهدما
ولو يـعلم الإنسان مـقدار عمره
لأضـرب عن جل الأمور وأحجما
ولكـنّ جهـل المـرء بالغيب آية
بـها يستمر المرء في السعي مُقدما
******
ومـا كـان إيـماني ضعيفاً وإنني
لأعلـم أن المـوت كان مُحـتما
ولكنـني والـحزن يعـصر مُهجتي
تمـنيت لـو كـنت الفقيد المقدّما
كـأني وإيـاها بقـلب تقـدمت
بـه حيث أبقتـني من القلب معدما
فقـدت بها "ليلى" و "عبلة" قبلـها
و"عزة"و "البثنات" بل صرت أعظما
ولـو أن أقـطاب الهـواة تجمـعوا
لأنـساهمـو ما حـلّ عـما تقدما
******
ولمـا رأيـت الدار أحـلك ليـلها
وأعيـت من الأكـدار أن تتبسـما
توجهـت للبـيت العتـيق لعـلني
إذا زرتـه أسقيـت للجرح زمـزما
وألهـو مع العمـار إذ كـان جمعهم
كبـيراً ، وأنسـى الهمّ مهـما تجهما
ولكنـها كانـت رفيقـةَ رحـلتي
وما فـارقت جسمي حـلالاً ومُحرما
فلما دنت من "ذي الحليفة" أحرمـت
ولبّـت ، كمـا كنـا زمـاناً تصرّما
وسـرت بهـا طـول الطريق وكلما
نزلـنا أعـدّت لـي شراباً ومطـعما
وإن طفـت حول البيت طافت بجانبي
وإن قمـت أدعـو رددتـه مترجمـا
وإن كنـت فوق المروتـين توجـهت
إلـى البيت مثلـي تسأل الله مغنـما
لقـد زادنـي الطيـف المرافق حسرة
ولـم يشهـد الجرح العميـق تقدمـا
فكنـت كإسماعيـل فـي ظلّ دوحة
وحيـداً ، ولمـّا تبصر العـين جُرهمـا
******
وقد عدت يوم العيد ـ والعيد فرحة ـ
إلـى الدار مهـموماً حزينـاً مُكلّمـا
فأنكـرتها ، والدمـع يمـلأ مقـلتـي
فـلا مصعـداً ترقى ولـم تـرَ سلّمـا
كأنـي إلـى سجـن أسـاق بقسـوة
ورجـلاي أبـدت في الدخـول تبرمـا
ولمـا دخلـت الـدار كـادت رحابهـا
وحيـطانـها بالحـزن أن تـتكـلمـا
وأخـلـدت للـذكرى وكانـت أليمة
فقـد عشـت فيها العمـر عيشاً منعمـا
وكانـت بـها بالأمـس شمساً مضيئـة
فلمـا تـوارت أصبـح الحـي مظلمـا
******
وأظـهـرت للأطفـال منـي تجـلـداً
وكانـوا مـن الشيـخ المتيّـم أحـلمـا
وحاولـت قـدر المستـطاع خلـودهم
إلـى النـوم إرفـاقـاً بهـم وتـرحمـا
وأخفيـت صوتـي بالبكـاء فخـاننـي
فأيقظـت أطـفـالاً عـن الهـم نُـوّما
كأنـي وإيّـاهـم بمـركـب لُـجّـة
أحـاطـت بـه الأمـواج حتـى تحطما
أطالـع للـبـرّ البعيـد فـلـم أجـد
سـوى ليـلِ أشبـاح أنـاخ وخيـمـا
فأصبـحـت والـدنيـا كـأن شموسها
عـن الكـون غابـت فـادلَهـمّ وأعتما
******
وأوجـزت فـي التعبيـر رفقـاً بأهلها
وأبنـائهـا، يبكـي بـه مـن تـرنّمـا
ولـو أننـي أودعـت فيـه مشـاعري
لأرسلتـه غـضّـاً طـريّـاً مُنـغّـما
وأدميـت قلـبـاً قـاسيـاً متحـجراً
وأبكيـت عُصْمـاً بالجبـال وحُـوَّمـا
ولكننـي أخـفيـت في الصدر حسرتي
وأبديـت عنوانـاً لمـا كـان مبـهما
عليـها سـلام اللـه مـا قـام ذاكر
وصلـى علـى خيـر الأنـام وسلما



أنا سُنّي حسيني
د. عائض القرني
بكى البيت والركن الحطيم وزمزم .... ودمع الليالي في محاجرها دمُ
وشق عليك المجد أثواب عزِّه .... ووجه الضحى من بعد قتلك أدهمُ
فيا ليت قلبي كان قبرك معلماً..... تُكفّن في أجفان عيني وتُكرمُ
ويا ليت صدري كان دونك ساتراً.... به كل رمح من عداك يُحطّمُ
أريحانة المختار صرت قضية .... وأصبحت للأحرار نعم المعلمُ
ولكنني وافقتُ جدك في العزا .... فأخفي جراحي يا حسين وأكتمُ
وأصبر والأحشاء يأكلها الأسى .... وأهدأ والأضلاع بالنار تُضرمُ
وما نُحت نوح الثاكلات تفجُّعاً.... عليك لأن الدِّينَ ينهى ويَعصِمُ
أُصبنا بيوم في الحسين لو انه .... أصاب عروش الدهر أضحت تُهدّمُ
ألابن زياد سوَّد الله وجهَه .... معاذيرُ في قتل الحسين فتُعلمُ
يقاضيه عند الله عنّا نبيُّه ... بقتل ابنه والله أعلى وأحكَمُ
على قاتليه لعنة الله كلما.... دجا الليل أو ناح الحمام المرنّمُ
وتعرض عنه الخيل خوفاً وهيبةً .... وفوق ظهور الخيل أجفى وأظلمُ
لنا كربلاء المجد ذكرى عزيزة .... يجددها قلب ورأس ومعصمُ
وروح بها يَطَّهَّرُ الطُهر كلّه ... وعزم تهاب الأسد منه وتُهزمُ
أما ذكروا فيه النبي فأغمدوا .... سيوفاً وخافوا الله فيه فأحجِموا
ولو نطقت تلك الرماح لولْولتْ .... عليه ولكن هل رماح تَكلَّمُ
لمن أصطفي دمعاً؟ ألابن غذوته؟ .... فلابن رسول الله أغلى وأكرمُ؟
وأبكيه في شوق وأكتم لوعتي .... أكلّ سنين العمر أبكي وأكتمُ ؟
إلى الله أشكو ما أصاب جوانحي .... ولكن بأمر الله راضٍ مسلِّمُ
وأترك للعينين إبراد غُلّتي .... بدمع سخيِّ يُستثار فيَسجمُ
هواي لأصحاب النبي وآله .... فبعضهمُ من بعضهم وهمُ همُ
أبرِّئُ أصحابَ الرسول وآله ..... من السبِّ فالسبّاب نذل ومجرمُ
ولو أبغضت يمناي أصحاب أحمدٍ .... لقلت لها بِيني ولو جُذَّ معصمُ
إذا اتُهمَ الشيخان أي عدالة .... ترجَّى وأي الناس من بعد يسلمُ
وكان أبو السبطين يعلِن جاهداً .... بأن خطى الشيخين أجر ومغنمُ
فعرضي لعرض الأكرمين وقايةٌ .... أصد الردى عنهم فمجديَ منهمُ
وما أشرق التاريخ إلا لأنهم ..... بَنوْه وهم في كل ظلماء أنجمُ
أيرضى عليهم ربهم ونسبُّهم ..... كذبتم عليهم يا جفاةُ وخُنتمُ
وزكَّاهم الرحمن جل جلاله .... وأنتم لما زكَّى الإله أبيتمُ
براهين من وحي الإله مضيئة .... رواها الأمينان البخاري ومسلمُ


بشرى النبوءة
عبد الله البردوني
بـشـرى  مــن الـغيب ألـقت فـي فـم الـغار          وحـيـا  وأفـضـت إلــى الـدنـيا بـأسـرار
بـشـرى الـنـبوة طـافـت كـالـشذا سـحـرا          وأعـلـنـت فـــي الـربـا مـيـلاد أنــوار
وشــقـت الـصـمـت والأنــسـام تـحـملها          تــحـت الـسـكـينة مـــن دار إلـــى دار
وهــدهـدت  مــكـة الـوسـنـى أنـامـلـها          وهــــزت  الـفـجـر إيــذانـا بـإسـفـار
فـاقـبل الـفـجر مــن خـلـف الـتلال وفـي          عـيـنـيـه أســـرار عــشـاق وســمـار
كــأن  فـيـض الـنـدى فــي كــل رابـية          مــوج  وفــي كــل سـفـح جــدول جـار
تـدافـع الـفـجر فــي الـدنـيا يــزف إلـى          تـاريـخـهـا فــجـر أجــيـال وأدهـــار
***************
واسـتـقـبل الـفـتـح طـفـلا فــي تـبـسمه          آيـــات  بــشـرى وإيــمـاءات إنـــذار
وشــب  طـفـل الـهـدى الـمـنشود مـتـزرا          بــالـحـق مـتـشـحا بـالـنـور والــنـار
فــي  كـفـه شـعـلة تـهـدي وفــي فـمـه          بـشـرى  وفــي عـيـنيه إصــرار أقــدار
وفـــي  مـلامـحـه و عــد وفــي دمــه          بــطـولـة تــتـحـدى كــــل جــبـار
وفـــاض  بـالـنور فـاغـتم الـطـغاة بــه          والـلـص  يـخـشى سـطوع الـكوكب الـساري
والـوعـي  كـالـنور يـخـزى الـظالمين كـما          يـخـزي  لـصـوص الـدجـى إشـراق أقـمار
نــادى  الـرسـول نــداء الـحـق فـاحتشدت          كـتـائـب الــجـود تـنـضي كــل بـتـار
كــأنـهـا  خــلـفـه نــــار مـجـنـحة          تــجـري  وقــدامـه أفـــواج إعــصـار
فــضـج  بـالـحق والـدنـيا بـمـا رحـبـت          تــهــوي عـلـيـه بــأشـداق وأظــفـار
وســــار والـــدرب أحــقـاد مـسـلـخة          كــأن فــي كــل شـبـر ضـيغما ضـاري
وهـــب فــي دربــه الـمـرسوم مـنـدفعا          كـالـدهـر  يــقـذف أخــطـارا بـأخـظار
**************
فـأدبـر الـظـلم يـلـقى هــا هـنـا iiأجــلا          وهـــا هــنـا يـتـلـقى كـــف iiحـفـار
والـظـلم  مـهـما احـتـمت بـالبطش 
iiعـصبته          فـلـن  تـطـق وقـفـة فــي وجــه iiتـيـار
رأى الـيـتـيـم أبـــو الأيــتـام 
iiغـايـتـه          قــصـوى  فـشـق إلـيـها كــل iiمـضـمار
وامــتـدت الـمـلة الـسـمحا يــرف عـلـى          جـبـيـنـها تــــاج إعــظـام 
iiوإكــبـار
*************
مـضـى إلــى الـفـتح لا بـغـيا ولا طـمـعا          لـــكــن حــنـانـا وتـطـهـيـرا لأوزار
فــأنـزل  الـجـور قـبـرا وابـتـنى زمـنـا          عـــدلا  000 تــدبـره أفــكـار أحــرار
*************
يــا  قـاتـل الـظـلم صـالـت هـاهنا وهـنا          فـظـايـع أيـــن مـنـها زنــدك الــواري
أرض  الـجـنوب ديــاري وهــي مـهد أبـي          تــئـن  مـــا بــيـن سـفـاح وسـمـسار
يــشـدهـا قــيــد ســجـان ويـنـهـشها          ســـوط ويـحـدو خـطاها صــوت خـمـار
تـعـطـي  الـقـياد وزيــرا وهــو مـتـجر          بـجـوعـها فـهـو فـيـها الـبـايع الـشـاري
فـكـيـف  لانــت لـجـلاد الـحـمى عــدن          وكــيـف  ســاس حـمـاها غــدر فـجـار
وقـــادهــا زعـــمــاء لا يــبـررهـم          فــعــل  وأقـــوالـهم أقـــوال أبـــرار
أشــبـاه  نــاس وخـيـرات الـبـلاد لـهـم          ووزنــهـم لا يــسـاوي ربـــع ديــنـار
ولا يـصـونـون عــنـد الــغـدر أنـفـسهم          فـهـل يـصـونون عـهـد الـصـحب والـجار
تـــرى  شـخـوصـهم رسـمـيـة وتــرى          أطـمـاعهم  فــي الـحـمى أطـمـاع تـجـار
*************
أكـــاد أســخـر مـنـهم ثــم iiتـضـحكني          دعــواهــم أنــهـم أصــحـاب iiأفــكـار
يـبـنـون  بـالـظـلم دورا كـــي 
iiنـمـجدهم          ومـجـدهـم رجـــس أخــشـاب وأشـجـار
لا  تـخـبـر الـشـعـب عـنـهـم إن 
iiأعـيـنه          تـــرى  فـظـائعهم مــن خـلـف iiأسـتـار
الآكــلـون جـــراح الـشـعـب 
iiتـخـبـرنا          ثــيـابـهـم أنـــهــم آلات أشـــــرار
ثـيـابـهم  رشـــوة تـنـبـي 
iiمـظـاهـرها          بــأنـهـا  دمــــع أكــبـاد iiوأبــصـار
يــشــرون بــالـذل ألـقـابـا 
iiتـسـتـرهم          لـكـنـهـم يـسـتـرون الــعـار iiبـالـعـار
تـحـسـهم  فــي يــد الـمـستعمرين 
iiكـمـا          تــحـس  مـسـبـحة فــي كــف iiسـحـار
************
ويــــل  وويـــل لأعـــداء iiالــبـلاد إذا          ضــج الـسـكون وهـبـت غـضـبة iiالـثـار
فـلـيـغنم  الــجـور إقـبـال الـزمـان لــه          فــــإن إقــبـالـه إنــــذار 
iiإدبــــار
والــنــاس شـــر وأخــيـار وشــرهـم          مــنــافـق يــتــزيـا زي 
iiأخـــيــار
وأضـيـع الـنـاس شـعـب بــات 
iiيـحـرسه          لــــص تــسـتـره أثـــواب iiأحــبـار
فـــي  ثــغـره لــغـة الـحـاني 
iiبـأمـته          وفـــي  يــديـه لــهـا سـكـين iiجــزار
حــقـد  الـشـعـوب بـراكـيـن 
iiمـسـمـمة          وقــودهــا كــــل خـــوان iiوغـــدار
مـــن  كــل مـحـتقر لـلـشعب 
iiصـورتـه          رســـم الـخـيـانات أو تـمـثـال iiأقـــذار
وجــثـة  شـــوش الـتـعـطير 
iiجـيـفـتها          كـأنـهـا  مـيـتـة فـــي ثــوب iiعـطـار
بــيـن الـجـنـوب وبـيـن الـعـابثين 
iiبــه          يـــوم يــحـن إلــيـه يــوم" ذي iiقــار"
**********
يـاخـاتـم الـرسـل هــذا يـومـك iiانـبـعثت          ذكــراه  كـالـفجر فــي أحـضـان iiأنـهـار
يــا  صـاحب الـمبدأ الأعـلى ، وهـل 
iiحـملت          رســالــة الــحــق إلا روح مــخـتـار؟
أعـلـى  الـمـبادئ مــا صـاغـت لـحـاملها          مــن الـهـدى والـضـحايا نـصـب تـذكـار
فـكـيـف نــذكـر أشـخـاصـا 
iiمـبـادئـهم          مـبـادئ الـذئـب فــي إقـدامـه الـضاري ii؟!
يــبــدون لـلـشـعب أحـيـانـا 
iiوبـيـنـهم          والـشـعب  مــا بـيـن طـبـع الـهر iiوالـفار
مــا  أغـنـيك يــا" طــه " وفــي 
iiنـغمي          دمـــع وفــي خـاطـري أحـقـاد ثــوار ؟
تـمـلـملت كـبـريـاء الــجـرح 
iiفـانـتزفت          حـقـدي عـلـى الـجور مـن أغـوار iiأغـواري
**********
يــا" أحـمـد الـنـور" عـفوا إن ثـأرت iiفـفي          صــدري  جـحـيم تـشـظت بـيـن أشـعاري
" طـــه " إذا ثــار إنـشـادي فــإن 
iiأبــي          "  حـسـان " أخـبـاره فــي الـشعر iiأخـباري
أنا ابــن أنـصـارك الـغـر الألــى 
iiقـذفـوا          جــيـش الـطـغاة بـجـيش مـنـك iiجــرار
تـظـافرت فــي الـفـدى حـوالـيك 
iiأنـفـسهم          كــأنـهـم  قــــلاع خــلـف iiأســـوار
نـحـن الـيـمانين يــا" طــه " تـطـير بـنا          إلـــى روابـــي الــعـلا أرواح 
iiأنـصـار
إذا تــذكــرتَ " عــمــارا " وســيـرتـه          فـافـخـر  بــنـا إنـنـا أحـفـاد " عـمـار"
"طــه  " إلـيـك صــلاة الـشـعر 
iiتـرفـعها          روحـــي  وتـعـزفـها أوتـــار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ومن هيامي بكم قالوا به مرض        فقلت لا زال عني ذلك المرض

إذا مرضنا تداوينا بذكركم             ونترك الذكر أحيانا فننتكس


أموت ويبقى كل ما قد كتبته                   فيا ليت من يقـرأ مقالي دعا ليا
لعل إلهـي أن يمـنّ بلطفه                    ويرحم تقصيري وسوء فعاليا


ذلّ من يغبط الذليل بعيشٍ *** رُبَّ عيشٍ أخفُّ منه الحِمام
من يهن يسهل الهوان عليه *** ما لجرحٍ بميتٍ إيلام

معن بن أوس المزني
لعمرك ما أهويت كفي لريبة         ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها        ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة            من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي
ولست ماشٍ ما حييت لمنكر          من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثراً نفسي على ذي قرابة       وأوثر ضيفي  ـ ما أقام ـ على أهلي


عروة بن أذينة
لقد علمت وما الإسراف من خلقي       أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
لا خير في طمع يدني لمنقصة               ما دام بعض كفاف العيش يكفيني
لا أركب الأمر تزري بي عواقبه         ولا يعاب به عرضي ولا ديني
كم من فقير غنيّ النفس تعرفه            ومن غنيّ فقير النفس والدين




أرّخ الجبرتي في تاريخه لرجل يدعى (عامر الأنبوطي) نظم ألفية في الأطعمة على غرار ألفية ابن مالك في النحو و اللغة, وذكر الجبرتي منها مطلع قوله في ألفيته:
يقول عامر هو الأنبوطي** أحمد ربي لست بالقنوط
واستعين الله في ألفية **  مقاصد الأكل بها محوية
فيها صنوف الأكل والمطاعم** لذت لكل جائع وهائم
على غرار قول ابن مالك:
قال محمد هو ابن مالك** أحمد ربي الله خير مالك
وأستعين الله في ألفية ** مقاصد النحو بها محوية
فإذا قال ابن مالك:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم** اسم وفعل ثم حرف الكلم
قال الشيخ عامر:
طعامنا الضاني لذيذ للنهم** لحم وسمن ثم خبز فالتقم



وللطغرائي قصيدة مشهورة باسم (لامية العجم)  يقول في مطلعها :  
‏ أصالة الرأي صانتني عن الخطل ـ وحلية الفضل زانتني لدى العطل. ‏

وقد عارضه عامر الابنوطي بقصيدة يقول فيها : ‏
طناجر الضأن ترياق من العللِ   **  وأصحن الرز فيها منـتهى أملي ‏
أكلي غداء، وأكلي في العشاء على **حدٍّ سوا، إذا اللحم السمين قُلِي ‏
فيمَ الإقامة في الأرياف لا شبعي   **   فيها ولا نزهتي فيها ولا جذلي ‏
أريد أكلاً نفيساً أستعين به    **    على العبادات والمطلوب من عملي
‏والدهر يفجع قلبي من مطاعمه ** بالعدس والكشك والبيصار والبصل ‏


وعارض أيضاً لامية ابن الوردي المشهورة ومطلعها: ‏
اعتزل ذكر الأغاني والغزل ــ وقلِ الفصل وجانب من هزل ‏
ودع الذكر لأيام الصبا ــــــ  فلأيام الصبا  نجم أفل ‏

فقال الشيخ عامر، قالباً معاني ابن الوردي جميعاً الى طعام وطبيخ: ‏
اجتنب مطعوم عدس وبصل     **      في عشاء فهو للعقل خَبَلْ ‏
واحتفل بالضأن إن كنت فتى  **  زاكيَ العقل ودع عنك الكسل ‏
من كباب وضلوع قد زكت   **   أكلها ينفي عن القلب الوجل



التصحيف في اللغة، كتابتها أو قراءتها على غير صحتها، لاشتباه في الحروف أو تغيير فيها...

وفيما يلي، تصحيف حـوَّل الهــجـــاء مدحـــا، فاقرأها في المرتين، تر الفرق:

من رام أن يلقى تباريح الكربْ *** من نفســهِ فليأتِ أجلاف العَرَبْ

يرى الجمال والجلال والخشب*** والشَّعر والأوبار كيفما انقلب

أسرق أهل الأرض عن أم وأب *** واسمج الناس وأخزى من نهب

لا تعرف الأقدار فيهم والرتب *** ولا يبالون بأحرار النسب

.......لكن يغارون على حفظ النَــشــب.

وعند التصحيف تصبح أبيات الهجاء هذه مديحا كما يلي:

من رام أن يلقى تباريح الكرب *** من نفسه فليأت أحلاف العرب

يرى الجمال والجلال والحسب *** والشَعْر والأوتار كيفما انقلب

أشرف أهل الأرض عن أم وأب *** واسمح الناس وأجرى من يهب

لا تعرف الأقذار فيهم والريب *** ولا يبالون بإحراز النشب

..... لكن يغارون على حفظ النسـب.

- - - --
هذه القطعة من "المقامة التغلبية" لليازجي... نقلت من كتاب "أحلى طرائف ونوادر اللغويين والنحاة" إعداد هيكل نعمة الله، طباعة جروس برس ببيروت، الصفحة: 46

----
معاني بعض الكلمات:
تباريح: شدائد
أجلاف: غلاظ
أحلاف: أحزاب
الجلال: جمع جل للفرس ونحوه
الإحراز: الحفظ
النشب: الماء





..من طرائف الشعر هذه القصيدة والتي عبارة عن مدح لنوفل بن دارم، واذا اكتفيت بقراءة الشطر الأول من كل بيت فأن القصيدة تنقلب رأس على عقب، وتغدو قصيدة ذم لا مدح.


قصيدة المدح:-
إذاأتيت نوفل بن دارم ***** امير مخزوم وسيف هاشم
وجدته أظلم كل ظالم ***** على الدنانير أو الدراهم
وأبخل الأعراب والأعاجم *****بعرضه وسره المكاتم
لا يستحي من لوم كل لائم ***** إذا قضى بالحق في الجرائم
ولا يراعي جانب المكارم ***** في جانب الحق وعدل الحاكم
يقرع من يأتيه سن النادم *****إذا لم يكن من قدم بقادم

قصيدة الذم :-

إذا أتيت نوفل بن دارم ***** وجدته أظلم كل ظالم
وأبخل الأعراب والأعاجم ***** لا يستحي من لوم كل لائم
ولا يراعي جانب المكارم ***** يقرع من يأتيه سن النادم

أحمد مطر,
شاعر المنفى..
شاعر الزنزانة, والسوط والجلاد..
شاعر الحبل والمشنقة والالغام والعساكر والمخافر..
لامه أصحابه على عدم تغزله في العينين والشفتين...
فقالوا له :
= == =
شِعـرُكَ هذا .. شِعْـرٌ أَعـوَرْ !
ليسَ يرى إلاّ ما يُحـذَرْ :
فَهُنـا مَنفى، وَهُنـا سِجـنٌ
وَهُنـا قَبْـرٌ، وَهُنـا مَنْحَـرْ .
وَهُنَـا قَيْـدٌ، وَهُنـا حَبْـلٌ
وَهُنـا لُغـمٌ، وََهُنـا عَسْكـرْ !
ما هـذا ؟
هَـلْ خَلَـتِ الدُّنيـا
إلاَّ مِـنْ كَـرٍّ يَتكـرَّرْ ؟
خُـذْ نَفَسَـاً ..
إسـألْ عن لَيلـى ..
رُدَّ على دَقَّـةِ مِسكـينٍ
يَسكُـنُ في جانبِكَ الأيسَـرْ .
حتّى الحَـربُ إذا ما تَعِبَتْ
تَضَـعُ المِئـزَرْ !
قَبْلَكَ فرسـانٌ قـد عَدَلـوا
في مـا حَمَلـوا
فَهُنـا أَلَـمٌ .. وهُنـا أَمَـلُ .
خُـذْ مَثَـلاً صاحِبَنا (عَنتَـرْ)
في يُمنـاهُ يئِـنُّ السّـيفُ
وفي يُسـراهُ يُغنّي المِزهَـرْ !
  * ذاكَ قَضيّتُـهُ لا تُذكَـرْ :
لَـونٌ أسمَـرْ
وَابنَـةُ عَـمٍّ
وأَبٌ قاسٍ .
والحَلُّ يَسـيرٌ .. والعُـدّةُ أيْسَـرْ :
سَـيفٌ بَتّـارٌ
وحِصـانٌ أَبتَـرْ .
أَمّـا مأسـاتي .. فَتَصَــوَّرْ:
قَدَمــايَ على الأَرضِ
وقلـبي
يَتَقَلّـبُ في يـومِ المحشَـرْ !
  * مَـعَ هـذا .. مثلُكَ لا يُعـذَرْ
لمْ نَطلُـبْ مِنـكَ مُعَلَّقَـةً ..
غازِلْ ليلاكَ بما استَيْـسَرْ
ضَعْـها في حاشِيـةِ الدّفتَـرْ
صِـفْ عَيْنيهـا
صِـفْ شَفَتيهـا
قُـلْ فيهـا بَيتـاً واتركْهـا ..
ماذا تَخسَـرْ ؟
هَـلْ قَلْبُكَ قُـدَّ مِـنَ المَرمَـرْ ؟!
  * حَسَـناً .. حَسَـناً ..
سَـاُغازِلُها :
عَيْناها .. كظـلامِ المخفَـرْ .
شَفَتاها .. كالشَّمـعِ الأحمـرْ .
نَهـداها .. كَتَـورُّمِ جسمـي
قبـلَ التّوقيـعِ على المحضَـرْ .
قامَتُهـا .. كَعَصـا جَـلاّدٍ ،
وَضَفيرتُها .. مِشنَقَـةٌ ،
والحاجِـبُ .. خِنجَـرْ !
لَيْـلايَ هواهـا استعمارٌ
وفـؤادي بَلَـدٌ مُستَعْمَـرْ .
فالوعـدُ لَديْها معـروفٌ
والإنجـازُ لديهـا مُنكَـرْ .
كالحاكِـمِ .. تهجُرني ليـلى .
كالمُخبرِ .. تدهَمُـني ليلا !
كمشـاريـعِ الدّولـةِ تَغفـو
كالأسطـولِ السّادسِ أسهَـرْ .
مالي منها غـيرُ خَيـالٍ
يَتَبَـدّدُ سـاعةَ أن يَظهَـرْ
كشِعـارِ الوحـدةِ .. لا أكثـرْ !
ليلـى غامِضَـةٌ .. كحقـوقي،
وَلَعُـــوبٌ .. كَكِتـابٍ أخضَـرْ !
  *
يكفـي يا شاعِرَنا ..
تُشكَـرْ !
قَلَّبتَ زبالتَنا حـتّى
لمْ يبـقَ لمزبلـةٍ إلاّ
أنْ تخجـلَ مِـنْ هذا المنظَـرْ !
هـل هذا غَـزَلٌ يا أغبَــرْ ؟!
  *
قُلتُ لكـم .
أَعـذَرَ مَـنْ أَنـذَرْ .
هـذا ما عِنـدي ..
عَقْـرَبـةٌ
تُلهمُـني شِعـري .. لا عبقَـرْ!
مُـرٌّ بدمـي طَعْـمُ الدُّنيـا
مُـرٌّ بفَمـي حتّى السُّكّـرْ !
لَسـتُ أرى إلاّ ما يُحـذَرْ .
عَيْنـايَ صـدى ما في نَفْسـي
وبِنَفسـي قَهْـرٌ لا يُقهَـرْ .
كيفَ أُحـرِّرُ ما في نفسـي
وأَنـا نفسـي .. لم أَتحَـرّرْ ؟!
= == =
أحمــد مطــر


عائد من المنتجع
حين أتى الحمارُ منْ مباحثِ السلطانْ
كان يسير مائلاً كخطِ ماجلانْ
فالرأسُ في إنجلترا ، والبطنُ في تانزانيا
والذيلُ في اليابان !
ـ خيراً أبا أتانْ ؟
ـ أتقثدُونَني ؟
ـ نعم ، مالكَ كالسكرانْ ؟
ـ لاثيء بالمرَّة ، يبدو أنني نعثانْ .
هل كانَ للنعاسِ أن يُهَدِّم الأسنانِ
أو يَعْقِد اللسانْ ؟
ـ قل ، هل عذبوك ؟
ـ مطلقاً ، كل الذي يقال عن قثوتهم بُهتانْ
ـ بشَّركَ الرحمن
لكننا في قلقٍ
قد دخل الحصانُ من أشهرٍ
ولم يزلْ هناك حتى الآن
ماذا سيجري أو جرى لهُ هناك يا ترى ؟
ـ لم يجرِ ثيءٌ أبداً
كونوا على اطمئنان
فأولاً : يثتقبلُ الداخلُ بالأحضانْ
وثانياً : يثألُ عن تُهمتهِ بِمُنتهى الحنانْ
وثالثاً : أنا هو الحِثانْ
= == =