" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

* قواعد عامة لنشر أخبار الجرائم والحوادث في الصحف

تعد أخبار الجرائم والحوادث واحدة من الفئات المتعددة للأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام، إلا أن الملاحظ أن الإذاعة والتلفاز تركز في ما تبثه على أخبار الجرائم ذات الطابع العام أو التي تمس أشخاصاً لهم مكانة خاصة في مجتمعاتهم كأخبار التفجيرات والاغتيالات واختطاف الطائرات واحتجاز الرهائن، وكذلك الحوادث والكوارث العامة كالزلازل والبراكين والفيضانات وسقوط الطائرات وتصادم القطارات وغرق السفن .
أما الصحف [1] فإنها لا تكتفي بنشر أخبار الجرائم والحوادث العامة والكبيرة، وإنما تتوسع في هذا الشأن إلى حد نشر الجرائم والحوادث الصغيرة ذات الطابع الفردي والشخصي وذات الطابع الاجتماعي الخاص، ويتفاوت اهتمام الصحف بهذا النوع من الأخبار؛ ففي الصحافة الشعبية ـ وبالذات في الدول الغربية ـ تشكّل أخبار الجرائم والحوادث، بالإضافة إلى فضائح المشاهير ومغامراتهم وأسرار حياتهم الخاصة العمود الفقري الذي تقوم عليه هذه الصحافة وتجني أرباحها من ورائه.


وقد كان الاتجاه العام في الصحافة العالمية من حيث نشر أخبار الجريمة حتى القرن التاسع عشر هو نشر أخبار الجرائم الشاذة، وكانت المساحة التي تشغلها أخبار الجريمة محدودة بالنسبة لمساحة الصحيفة كلها، ومنذ بداية القرن العشرين أخذت الصحافة العالمية تزيد من المساحة المخصصة لأخبار الجريمة، وتوسعت فيها من حيث الكم والكيف، ثم أخذ هذا الاتجاه يقوى تدريجياً حتى طغت أخبار الجريمة في كثير من الصحف _ وخاصة في الصحف الإخبارية التجارية _ على جميع الأنواع الأخرى نتيجة للرواج الملحوظ لهذا النوع من الصحف، وظهرت صحف متخصصة في نشر أخبار الجرائم . [2]     
وقد أدى توسع الصحف في نشر أخبار الجرائم إلى تعرضها لانتقاد لاذع،  وحملة شديدة من كثير من العلماء والمتخصصين حتى وصل الأمر بالعالم سيزاري لومبروزو مؤسس علم الإجرام الحديث إلى تشبيه مسلك الصحافة في نشر أخبار الجرائم بالحشرات التي تخرج من مواطن العفن فتنقله معها وتنشره في كل أنحاء المجتمع . [3]
وباستعراض مجموعة من أنظمة الصحافة والمطبوعات في الدول العربية [4] لاحظ الباحث أن هذه الأنظمة ركزت على موضوع جرائم النشر[5] والعقوبات المترتبة عليها، ولم تتطرق إلى موضوع نشر أخبار الجرائم والحوادث والضوابط والقواعد التي ينبغي مراعاتها في حالة النشر، واكتفت بعض هذه الأنظمة - كنظام المطبوعات السعودي - بالتأكيد على حظر نشر كل ما من شأنه الدعوة إلى الإجرام أو تحبيذه أو التشويق إليه .

موضوع الدراسة :
تصل إلى الصحف كمية كبيرة من أخبار الجرائم والحوادث من مصادرها المختلفة على مدار ساعات اليوم، وأمام خصوصية هذه الفئة من الأخبار وحساسيتها الشديدة، واشتمالها على أمور وقضايا تمس بعض أفراد المجتمع  وحياتهم الخاصة بشكل مباشر، وتضمنها لمعلومات وتفاصيل يؤدي نشرها في بعض الأحيان إلى نتائج سلبية وآثار خطيرة على أمن المجتمع الذي تنشر فيه، لذا كان لابد من التعامل معها بحذر شديد، وبأسلوب خاص، ووفق معايير محددة، وكانت هناك حاجة ماسة إلى وجود مجموعة من القواعد العامة التي يسترشد بها العاملون في الصحف، وينطلقون منها عند تحرير هذه الفئة من الأخبار ونشرها .


منهج الدراسة :
       استخدمت هذه الدراسة المنهج الاستقرائي، وهو " منهج ينطلق من الحقائق الجزئية، أو الظواهر الواقعية المتفرقة، لتنتهي إلى حقائق عامة .. ويساعد هذا المنهج في الوصول إلى بعض القواعد أو الأصول المنهجية أو الفنية المهنية لإنجاز بعض الأعمال " [6]
      ومن أجل الوصول إلى قواعد عامة لنشر أخبار الجرائم والحوادث قام الباحث بتتبع واستقراء الطرق والأساليب والاتجاهات العامة التي تستخدمها الصحف في تحرير ونشر هذه الفئة من الأخبار، وحصر الجوانب السلبية والإيجابية في محتواها وطريقة نشرها،وتدوين الملاحظات والمآخذ المسجلة عليها، ثم الخروج بمجموعة من القواعد العامة التي ينبغي للعاملين في الصحف مراعاتها والالتزام بها عند تحرير  أخبار الجرائم والحوادث ونشرها، مع الاستفادة من القواعد التي أشار إليها باحثون سابقون لهم إسهامات في هذا المجال، مع تدعيم الموضوع بالأمثلة والنماذج الواقعية مما نشر من أخبار الجرائم والحوادث في بعض الصحف .

قائمة موضوعات الدراسة :
اشتملت هذه الدراسة على تمهيد وثلاثة مباحث
تهميد : نشر أخبار الجرائم بين المؤيدين والمعارضين .
        المبحث الأول : قواعد مشتركة بين أخبار الجرائم والحوادث .                  
              أولاً : ضرورة اتصاف محرري أخبار الجرائم والحوادث بمواصفات
                     محددة .                                                 
      ثانياً : تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية للصحفي أو
             الصحيفة .
      ثالثاً : التعامل مع أخبار الجرائم والحوادث باعتبارها أخباراً عادية،
             وعدم استخدامها وسيلة للإثارة وجذب القراء .
      رابعاً : مراعاة الجانب الإنساني ومشاعر أقارب الضحايا .
      خامساً : عدم التوسع في ذكر أسماء الضحايا وبصفة خاصة في الجرائم
                والحوادث ذات الجانب الشخصي والعائلي والاجتماعي
                الخاص .
      سادساً : عدم المبالغة في ذكر أسماء رجال الأمن والموظفين الرسميين.
      سابعاً : التأكد من صحة الأسماء المذكورة في الخبر، ومراعاة الدقة في
               كتابتها .
      ثامناًً : عدم ذكر معلومات أو أوصاف يمكن أن تحدد الشخص غير
                المصرح باسمه .
     تاسعاً : التأكد من صحة المعلومات قبل نشرها، والحرص على
                    توثيقها من الجهات الرسمية .
 المبحث الثاني : قواعد خاصة بأخبار الجرائم .
     أولاً : عدم التوسع في إيراد تفاصيل الجريمة والطريقة المستخدمة في
            تنفيذها .  
     ثانياً : عدم التطرق إلى خطط رجال الأمن، أو الأخطاء  التي وقع فيها
            المجرمون .
     ثالثاً : الامتناع عن إطلاق أي أوصاف على المجرمين فيها تمجيد لهم . 
             رابعاً : عدم إصدار أحكام مسبقة على المتهمين قبل ثبوت إدانتهم .
     خامساً : التعامل مع جرائم الأحداث وصغار السن بحذر شديد . 
      سادساً : عدم ذكر أسماء مرتكبي الجرائم إلا في الحالات التي تستدعي
                ذلك .
      سابعاً : عدم إيراد أسماء القضاة والشهود .
      ثامناً : مراعاة الدقة والحذر عند اختيار الصور المرافقة للخبر .
     تاسعاً : تجنب الألفاظ النابية والعبارات التي تخدش الحياء عند تحرير  
              الخبر .
  المبحث الثالث : قواعد خاصة بأخبار الحوادث .  
     أولاً : التركيز على جانب العبرة والعظة في الحادث، والأسباب التي
            أدت إليه .
     ثانياً : مراعاة خصوصية حوادث الانتحار وحساسيتها، وعدم التوسع
            في تفاصيلها والتكهن بأسبابها .
     ثالثاً : التعامل بحذر شديد مع الحوادث التي تمس الأفراد أو الممتلكات
            الخاصة .
  مراجع الدراسة



تمهيد
نشر أخبار الجرائم بين المؤيدين والمعارضين

يحظى موضوع الجريمة ونشر أخبارها في وسائل الإعلام باهتمام عدد من فئات المجتمع المختلفة، وهم ينطلقون في هذا الاهتمام من منطلقات متعددة وأسس متباينة؛ فهناك علماء الاتصال ورجال الإعلام وقادة الرأي، وهناك رجال الأمن والقضاء والقانون، وهناك علماء الاجتماع والنفس، وقد تعددت آراء المهتمين بموضوع الجريمة وتباينت وجهات نظرهم حول الفوائد والأضرار المترتبة على نشر أخبار الجرائم في وسائل الإعلام، والآثار الإيجابية والسلبية الناتجة عن ذلك؛ فهناك من يؤيد نشر هذه الأخبار وهناك من يعارضه، ولدى كل فريق مجموعة من الأدلة والبراهين والحجج التي تؤيد موقفه، فالذين يؤيدون نشر أخبار الجرائم في وسائل الإعلام يستندون إلى المبررات التالية : [7]
1 _ إن الصحافة هي مرآة المجتمع التي ينعكس عليها كل ما يقع فيه من خير وشر، والجريمة ظاهرة اجتماعية خطيرة يجب على الصحافة أن تسجلها ليعلم الناس حقيقة أضرارها التي تصيب المجتمع، وإلا اعتبرت الصحافة مجافية لرسالتها الأساسية المتمثلة في نشر الحقائق كاملة وعدم إخفاء بعضها عن الناس .
2_ إن الصحافة تمد الجمهور بحقيقة الجريمة، فيصبح الناس مستعدين لعمل شيء حيالها، واتخاذ الإجراءات التي تحول دون تكرارها، ومعالجة أسبابها، ويشترك في ذلك جميع المصلحين الاجتماعيين والمتخصصين من رجال الأمن والقضاء .
3_ إن نشر أخبار الجريمة يحول دون فعل الشر، ويجعل من يفكر في ارتكاب الجريمة متردداً في الإقدام على ذلك خوفاً من الفضيحة بنشر اسمه مقروناً بارتكاب الجريمة على صفحات الصحف والتشهير به في المجتمع .
4_ إن نشر أخبار الجريمة في الصحف يكشف عن أساليب المجرمين والحيل التي يستخدمونها في ارتكاب الجرائم، وبذلك يصبح الجمهور متيقظاً لهذه الأساليب الإجرامية، فيتخذ الاحتياطات اللازمة لكي لا يقع فريسة سهلة في أيدي المجرمين .
5_ إن الصحافة تساعد رجال الأمن على القيام بأعمالهم في تعقب المجرمين، والقبض عليهم بما تقدمه في الأخبار التي تنشرها من حقائق حول الجريمة، وبما تستطيع الكشف عنه من النواحي الغامضة في قصة الجريمة، عن طريق اتصال المخبرين الصحفيين بالمجرمين وأقاربهم وأصدقائهم والاختلاط بهم ومعايشتهم في بيئاتهم فيتعرفون على أساليبهم في الإجرام، ويقفون على قدر كبير من حيلهم .
6_ عندما تنشر الصحف أخبار الجريمة فإنها تشبع رغبة النفس البشرية التي تميل إلى التشفي من مرتكبي الجرائم، وتطمئن المواطنين على سير العدالة التي تختص بمعاقبة المجرمين الذين يقترفون الجرائم، وتجعل الناس يقفون على العقوبات الرادعة التي يعاقب بها المجرمون حتى يطمئنوا إلى ما في الحياة من قيم إنسانية .

         أما الذين يعارضون نشر أخبار الجرائم في وسائل الإعلام فيستندون إلى الحجج والمبررات التالية : [8]
1_ أن الصحف كثيراً ما تعرض أخبار الجريمة بطريقة سيئة تضر بالمجتمع، وتقدم للقارئ صورة خاطئة أو سطحية عن الجريمة التي تبالغ في وصفها، وتعظم من شأن المجرم وتصوره بصورة البطل الذي حيّر رجال الأمن واسترعى انتباه العامة والخاصة مما يغري الشباب وصغار السن على تقليدهم لكسب البطولة الزائفة والشهرة الكاذبة على صفحات الصحف، ومن هنا يأتي تأثير هذه الصحافة السيئ التي تجعل من نفسها ـ بنشر قصص الجريمة يومياً ـ مدرسة لتعليم فن الإجرام وتخريج المجرمين بدلاً من القيام بدور إيجابي يستهدف القضاء على الجريمة عن طريق اقتراح الحلول المناسبة لعلاج هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة .
 2_ إن نشر أخبار الجريمة في الصحف يحدث بلبلة في أفكار الجمهور بالنسبة للجرائم، ويزعزع ثقته بالمثل العليا، والعادات والتقاليد الفاضلة، والعقائد الموروثة .
3_ إن نشر أخبار الجريمة كما يفيد رجال الشرطة في تعقب المجرمين والقبض عليهم، فإنها كذلك تعرّف المجرمين بخطط الشرطة للقبض عليهم فيتفننون في ابتكار الأساليب المضادة التي تمكنهم من تفادي الوقوع في قبضة رجال الأمن .
4_ كثيراً ما يحول نشر أخبار الجريمة دون الوصول إلى العدل في الحكم في قضايا الإجرام، وذلك عندما تصدر الصحف أحكامها مقدماً على المجرمين، وتطلق عليهم كلمات مثل ( القاتل ) ( المجرم ) ( السفاح ) .. الخ  قبل صدور الحكم القضائي مع أن القاعدة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته .
5_ كثيراً ما تبرز الصحف أخبار الجريمة بشكل زائد عن الحد، وأحياناً تطمسها أو تشوهها عن قصد أو غير قصد، وقد تأخذ جانب الدفاع عن المتهم كما لو كانت موكلة عنه، وهذا كله ليس في صالح العدالة، كذلك قد تحول الصحف دون تحقيق العدالة بعرض أخبار الجريمة بطريقة تشكك في عدالة القضاء، وتقلل من وقار الإجراءات القضائية في المحاكمة، وقد تخلق الصحف جواً مثيراً للقضية يؤثر على الشهود والمحققين والقضاء .
6_ كثيراً ما تنشر الصحف أخبار الجريمة بطريقة لا تطابق الواقع، وإنما يميل الصحفيون إلى تحوير الواقع وإعمال الخيال في وصف الجريمة حتى تكون كتاباتهم أكثر جاذبية وإثارة للقراء، فيعمدون إلى تغيير معالم القصة الإخبارية الحقيقية للجريمة، وصبّها في قالب من الخيال، وإخضاعها للنظرة الفردية والأهواء الشخصية بما يخرج بالخبر الصحفي عن الجريمة إلى دائرة التأليف الأدبي، وهذا لا يتفق مع ما يجب على الصحفي من مراعاة الموضوعية في رواية الأخبار .
7_ إن الصحف كثيراً ما تخصص مساحات كبيرة لأخبار الجريمة وتفرد لها مكاناً بارزاً في الصفحة الأولى مثلاً، وهي بذلك تستخف بعقول القراء، وتحكم عليهم بالسفه والانحطاط، وذلك لأن الصحف لو كانت تحترم قراءها لخصصت تلك المساحات الكبيرة للمواد الصحفية الأخرى التي يستفيد منها القراء .
8ـ إن الصحف إمعاناً في إثارة القراء والتغرير بهم تنشر أخبار الجريمة مصحوبة بالصور الفوتغرافية التي تؤذي مشاعر القراء، وخاصة ذوي الشعور المرهف من الأطفال والشيوخ والنساء والآباء والأمهات .. الخ.
وهناك من يفرق بين نشر أخبار الجرائم قبل صدور حكم من القضاء، والنشر بعد صدور هذا الحكم، ويرى أصحاب هذا الرأي عدم نشر أخبار الجريمة مطلقاً قبل صدور حكم قضائي فيها، ففي حالة كون ارتكاب الجريمة أمراً غير ثابت، بل هو مجرد ادعاءات، أو أنه مجرد حالة لم يرفع أمرها إلى القضاء، فلا يجوز إشاعة هذا الأمر مطلقاً، ويحرم تناقل الأحاديث بشأن جريمة لم تثبت خاصة إذا كانت تتعلق بالأعراض فمجرد التكلم بشأنها يعتبر أمراً غير مقبول،فكيف إذا وصل الأمر إلى إشاعتها ونشرها وإذاعة أخبارها ويرون أن النشر في هذه المرحلة فيه إشاعة للفاحشة، وهو أمر حرمه الله عز وجل تطهيراً للمجتمع، واحتراماً لكرامة الإنسان ويدخل ضمن الوعيد الوارد في قوله نعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُون } (النور:19)
 أما بعد التأكد من الجريمة ومرتكبيها، وصدور حكم القضاء فيها  فيتعين إعلان هذا الحكم مع التركيز على العقوبة، تطهيراً للمجتمع، وزجراً لأصحاب النفوس الضعيفة، ولتحصل العظة والاعتبار حيث يقول تعالى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }(النور: جزء من الآية2)  [9]

          وهناك طرف آخر لا يتفق مع أي من الأطراف السابقة  اتفاقاً كاملاً، ولكنه يحاول التوفيق والجمع بينها، والخروج برأي وسط ينطلق من إمكانية نشر أخبار الجرائم والحوادث في الصحف، ولكن مع الإقرار بوجود حدود ينبغي عدم تجاوزها، وخطوط حمراء يجب الوقوف عندها، ومبادىء عامة، ومعايير أخلاقية، وقواعد محددة لا بد من الالتزام بها ومراعاتها والانطلاق منها والاسترشاد بها عند تحرير أخبار الجرائم والحوادث ونشرها،منها قواعد مشتركة بين أخبار الجرائم والحوادث، ومنها قواعد خاصة بأخبار الجرائم، وأخرى خاصة بأخبار الحوادث، وسيتم الحديث عن هذه القواعد بشكل مفصل في المباحث القادمة .







المبحث الأول

قواعد مشتركة بين أخبار الجرائم والحوادث


1ـ ضرورة اتصاف محرري أخبار الجرائم والحوادث بمواصفات محددة

إن العمل في تحرير أخبار الجرائم والحوادث ليس كغيره من الأنواع الأخرى من الموضوعات والأخبار، فهو يحتاج إلى صحفي بمواصفات محددة بحيث يجمع بين الحس الصحفي والحس الأمني، متصفاً بالتأني وعدم الاستعجال، بعيداً عن الإثارة وحب الظهور، مقدراً لحجم الفائدة والمصلحة المترتبة على النشر، فالعمل في مثل هذا النوع من الأخبار لا يصلح للصحفيين المبتدئين غير المتمرسين، ولا للباحثين عن الشهرة وحب الظهور .

وكثيراً ما تلجأ بعض الصحف في بعض المجتمعات والدول إلى عرض بعض الموضوعات والأخبار التي تتصل بجهات معينة، أو تمس أشخاصاً محددين على مستشارين قانونيين لتقديم النصيحة للصحيفة في الأمور التي يمكن أن تعرّضها للمساءلة والمحاكمة، ومن الغريب أن الصحف تحرص على حماية نفسها مما يعرّضها للمساءلة، ولكنها لا تحرص على حماية  المجتمع من الأضرار والمفاسد المترتبة على ما تنشره، ولا على حماية أفراد هذا المجتمع مما يسيء لهم أو إلى سمعتهم، وتتمادى في هذا الأمر إذا اطمأنت إلى عدم وجود أنظمة يمكن ملاحقتها عن طريقها، أو إذا شعرت بأن الناس لا يعرفون حقوقهم وليس لديهم وعي وإدراك بأن هناك أنظمة وقوانين تحميهم من تجني الصحف عليهم والتشهير بهم، أو التعدي على أسرارهم وحياتهم الخاصة .
وكم هو سيئ وغير مناسب أن يعمد صحفي متمرس وصاحب خبرة كبيرة إلى تقديم نصائح للصحفيين المبتدئين في أفضل الطرق والعبارات والكلمات التي ينبغي لهم استخدامها ليتجنبوا تعريض أنفسهم وصحفهم للمساءلة والمثول أمام القضاء، ويرشدهم إلى الكلمات والعبارات التي تحقق لهم هدفهم، وتعينهم على المضي قدماً في نشر ما جمعوه من معلومات وما حصلوا عليه من أخبار عن أشخاص أو جهات دون أن يكونوا عرضة للإدانة . [10]
وتصل إلى الصحيفة كمية كبيرة من الموضوعات والأخبار المتصلة بالجرائم والحوادث سواء من مصادرها الخاصة المتمثلة في المندوبين والمراسلين، أو من وكالات الأنباء، وعلى المحرر أن ينتقي من بين هذا الكم الهائل ما يصلح للنشر، وما يتناسب مع سياسة النشر المعمول بها في صحيفته، وما يتفق مع المبادئ والمعتقدات السائدة في المجتمع الذي تصدر فيه هذه الصحيفة، وبما لا يخالف الأنظمة والقوانين المطبقة في هذا المجتمع، وانطلاقاً من هذه الاعتبارات عليه أن يقرأ هذه الأخبار قراءة متأنية بمنظار فاحص ومدقق، وينتقي الصالح منها، وأن لا يتردد في استبعاد أي خبر يرى أن من المصلحة عدم نشره، ولا يتردد في حذف أي عبارات أو تفاصيل في ثنايا الخبر ليس من المناسب إيرادها، وأن لا يستصعب عملية إعادة صياغة الخبر ولا يستكثر الجهد المبذول في ذلك .
وقد انتقد وزير الداخلية السعودي ما نشرته بعض الصحف من معلومات غير دقيقة عن الحريق الذي وقع في إحدى مدارس البنات بمكة المكرمة،و قال إن "ما نقلته الصحافة حول هذا الموضوع لم يكن في الحقيقة بمستوى الطرح الذي نأمله من صحفنا وكتّابنا، فقد كانوا متسرعين، وضخموا الأمور أكثر مما يجب، وحكموا على الأمور قبل أن يعرفوا الحقائق، وهذا خطأ " [11]
 وأكد على أن هذا التصرف " من الأشياء السلبية التي تتعجل فيها بعض الصحف بحيث تنقل أخباراً غير صحيحة، فعلى المراسلين أن يكونوا على قدر المسؤولية، وعلى جهاز التحرير أن يمحص الأخبار، ويبذل جهداً في ذلك، وأن يتأكد منها قدر المستطاع قبل أن يسمح بنشر الخبر، ففي الأخبار المتصلة بالحوادث هناك مسؤولية كبيرة على الإنسان أن يتحملها، وعليه أن يفكر فيها كثيراً، ويقرأها جيداً حتى يرضي الله قبل كل شيء ثم يرضي ضميره " [12]
 وللإمام النووي رحمه الله تعليق على الحديث النبوي ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) حيث يقول " هذا الحديث المتفق على صحته نص صريح في أنه لا ينبغي أن يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً، وهو الذي ظهرت له مصلحة، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم . وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله : إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى تظهر " [13]. وما قيل هنا عن الكلام يقال أيضاً عن الكتابة والنشر فلا ينبغي للصحفي أن يكتب شيئاً أو ينشره إلا إذا ظهرت له المصلحة والفائدة المترتبة على هذا النشر .

2_ تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية للصحفي أو الصحيفة
ينبغي للصحفي تغليب المصلحة العامة على مصلحته الشخصية أو مصلحة الصحيفة التي يعمل فيها، وأن لا يقدم على نشر أخبار الجرائم أو الحوادث بدافع الرغبة في تحقيق الانفراد أو السبق الصحفي أو الربح المادي له أو لصحيفته، وكثيراً ما يؤدي نشر الصحف لبعض الأخبار أو المعلومات أو التفاصيل إلى إرباك جهود رجال الأمن في القبض على الجناة والمجرمين، أو يؤدي إلى التأثير على سير التحقيق أو إجراءات المحاكمة، وقد يساهم التكتم على خبر جريمة ما وعدم نشر أي معلومات عنها في سرعة القبض على مرتكبيها ويعطي رجال الأمن مجالاً  للتركيز في عملهم،  وجمع المعلومات عن الجريمة ودوافعها، والتحري عن المشتبه فيهم دون تدخل من جهات أخرى، أو تسريب قد يستفيد منه الجناة في التعرف على ما وصل إليه التحقيق، والخطط التي أعدها رجال الأمن للوصول إليهم، فيبالغون في الحيطة وأخذ الحذر وإخفاء بعض الأدلة، وقد يرتكبون جرائم جديدة لإرباك رجال الأمن وتوجيه اهتمامهم وتركيزهم  إلى وجهة جديدة، وقد يعمدون إلى التخلص من بعض الشهود لضمان عدم إدلائهم بشهاداتهم، أو التخلص من بعض شركائهم ممن يتوقعون ضعفهم واحتمال اعترافهم .
وقد أشاد أحد المسؤولين في شرطة دبي بالصحافة المحلية في دولة الإمارات وبالصحافة العربية لتكتمها على نشر خبر سطو مسلح على أحد البنوك تمكن الجناة خلاله من الاستيلاء على مبلغ كبير من المال، ووجه لها الشكر لاستجابتها للطلب الذي وجهته الأجهزة الأمنية لجميع الصحف ووسائل الإعلام بالتكتم على هذه الجريمة وعدم نشر أي معلومات عنها مما ساهم في سرعة القبض على مرتكبي عملية السطو . [14]
وفي أعقاب التفجيرات التي حصلت في أمريكا في 11 سبتمبر 2001 م حدث تنافس كبير بين وسائل الإعلام الأمريكية، وقد أدى هذا التنافس والجري وراء السبق الصحفي إلى إيراد معلومات غير صحيحة، وإلى نشر أسماء بعض الأشخاص وصورهم وإلصاق التهمة بهم وربطهم بالحادث، وتابعتها بعض وكالات الأنباء العالمية وبعض وسائل الإعلام في دول العالم الأخرى، ونقلت عنها أسماء هؤلاء الأشخاص وصورهم  ثم اتضح بعد ذلك أنهم أبرياء ولا علاقة لهم بالموضوع، وأن بعضهم كان موجوداً في أماكن أخرى من العالم، أو أنهم فارقوا الحياة منذ فترة، وقد اضطرت بعض هذه الوسائل إلى الاعتذار للأشخاص الذين أساءت لهم، كما بدأ بعض هؤلاء الأبرياء في رفع دعاوى في المحاكم ضد هذه الوسائل . 
 وقد يسعى بعض الصحفيين إلى الحصول على بعض المعلومات أوالصور الشخصية للمجرمين أو للضحايا من أصدقائهم أو المدارس التي درسوا فيها، أو الجهات التي عملوا فيها، وقد يحصلون من هؤلاء الأصدقاء ومن هذه الجهات على معلومات تمس جوانب خاصة ومجهولة في حياة المجرمين أو الضحايا، فينبغي على الصحفي عدم التسرع في نشر ما حصل عليه من معلومات وصور، وإنما عليه أولاً أن يستأذن أسر هؤلاء الضحايا فقد يكون من بين المعلومات أو الصور مالا تحبذ الأسرة نشره، وقد تكون هناك معلومات مغلوطة أو غير دقيقة فيتم تصحيحها من قبل أسرة الضحية، وكثيراً ما يتسرع  بعض الصحفيين في نشر معلومات غير صحيحة أو تتضمن بعض الأخطاء فيعرّض نفسه ويعرّض صحيفته للانتقاد والمساءلة، وقد تتخذ أسر الضحايا إجراءات رسمية وقانونية ضد هذا الصحفي وصحيفته تطالبها فيها بالاعتذار ودفع تعويضات، ومن أمثلة ذلك جريمة القتل التي أودت بحياة رجل وزوجته وأبنائه الخمسة في مدينة جدة، فقد أدى تضارب المعلومات التي نشرتها بعض الصحف  إلى مضاعفة مصاب أسرة المجني عليه، وقد أبدت أسرة القتيل استياءها مما نشر من معلومات، واتهم  أحد اخوة القتيل هذه الصحف بأنها " أساءت لنا كثيراً، وصورت أسرتنا بأنها من القتلة، وكتبت بعض الأشياء غير الصحيحة، كما أنها لم تأخذ تفاصيل القصة من أصحاب الشأن الحقيقيين، بل استقت معلوماتها من مصادر لا تمت لنا بأي صلة، وأصبحنا نستقبل العزاء ونحاول إيضاح حقيقة ما حدث للجميع، ونفكر جدياً في أن نطلب من وزير الإعلام إيقاف النشر في هذا الموضوع حتى لا تزداد الإساءة لنا ولأسرتنا، كما تتجه النية إلى مقاضاة الصحف التي لم تتحرّ الدقة في نشر تفاصيل الحادث " [15]
        
         3ـ التعامل مع أخبار الجرائم والحوادث باعتبارها أخباراً عادية وعدم استخدامها وسائل إثارة وجذب للقراء
في ظل التنافس الكبير بين الصحف في الاستحواذ على القراء تجد هذه الصحف في أخبار الجرائم والحوادث مادة غنية بعناصر الجذب والتشويق والإثارة، إلا أن بعض هذه الصحف تبالغ في استخدام هذه العناصر، وتستغلها استغلالاً سيئاً في جذب القراء، وزيادة معدلات التوزيع، وذلك بوضعها في الصفحات الأولى، وتصديرها بالعناوين المثيرة والكبيرة والملونة، مع أن المفروض في العاملين في هذه الصحف أن يتعاملوا مع أخبار الجرائم والحوادث باعتبارها أخباراً عادية وعدم استخدامها وسائل إثارة وجذب للقراء، ويمكن التغاضي عن مثل هذا التصرف في حالة الجرائم الكبيرة كالتفجيرات والاغتيالات، أو الحوادث الضخمة التي تدخل ضمن الكوارث كسقوط الطائرات والزلازل المدمرة والفيضانات، فيمكن وضعها في الصفحة الأولى وتصديرها بالعناوين الكبيرة انطلاقاً من ضخامة الحدث، وحجم الآثار الناتجة عنه، وأهميته بالنسبة لقراء الصحيفة .
 وقد ناشد مجموعة من التربويين والإعلاميين " الصحافة خاصة ووسائل الإعلام عامة بتحري الدقة فيما تنشره أو تبثه من أخبار الحوادث والجريمة، وأن تركز  على المعالجة بدلاً من الاهتمام بنشر التفاصيل بغرض الإثارة والجذب الجماهيري " [16]
ويؤكد أحد أساتذة الجامعة المتخصصين في الصحافة على عدم إغفال مشروعية رأي القائلين باتهام الصحافة السعودية بنشر أخبار الجريمة بشكل يتعمد الإثارة، مؤكداً أن بعض الصحف المحلية وقعت في هذه التهمة فعلاً بانتهاجها أسلوب المبالغة وتهويل الجريمة وتضخيمها، ولا أدل على ذلك من العناوين المفرطة في الإثارة التي لجأت إليها بعض الصحف في تغطيتها لأخبار بعض الجرائم لمجرد الجذب والتسويق، وهو ما يعطي انطباعاً عاماً أن الإعلام السعودي لا يزال عاجزاً عن طرح الجريمة بشكل علمي وهادف . [17]

4ـ مراعاة الجانب الإنساني ومشاعر أقارب الضحايا
ينبغي لمحرري الأخبار أن يأخذوا في الاعتبار الجوانب الإنسانية ذات الصلة بضحايا الجرائم والحوادث، وأن يراعوا مشاعر أقارب هؤلاء الضحايا وذلك بعدم نشر الصور التي تظهر الإصابات البليغة والتشوهات الجسيمة التي تعرض لها الضحايا، بالإضافة إلى مراعاة مشاعر القراء أصحاب الأحاسيس المرهفة التي تتأذى بمشاهدة صور الدماء  المتناثرة والأشلاء الممزقة والجثث المشوهة .
وقد تحدث بعض الجرائم والحوادث بعيداً عن أعين أقارب الضحايا، ولا يطلعون على تفاصيلها الدقيقة، ولا على الحال أو الهيئة التي كان عليها الضحايا وقت حصول الجريمة أو الحادث، فتتبرع بعض الصحف بنشر صور هؤلاء الضحايا في أوضاع وهيئات تساهم في إثارة مشاعر أقاربهم وتعميق جراحهم وأحزانهم كما حدث من إحدى الصحف[18] التي نشرت خبر انتحار شاب يعمل رجل أمن في أحد المصانع في مدينة جدة، وأرفقت مع الخبر صورة للشاب وهو يتدلى من رقبته بحبل مربوط بأحد الأعمدة الحديدية في المصنع، ووضعت تحت الصورة اسم المصور الذي التقطها ضماناً لحقوقه المادية والمعنوية، وتأكيداً على السبق الصحفي والتميز الذي انفرد به في التقاط مثل هذه الصورة النادرة، أما مشاعر أسرة المنتحر وأقاربه فليس لها أي اعتبار . كما نشرت نفس الصحيفة [19] خبراً عن وفاة شابين احتراقاً في مدينة جازان، وأرفقت مع الخبر الذي نشرته في النصف العلوي من الصفحة الأولى صورة ملونة لأحد  الضحايا وقد احترق جسمه بشكل كبير، وتشوهت معالم وجهه .
كما ينبغي للعاملين في وسائل الإعلام اختيار التوقيت المناسب والأسلوب المناسب للحديث مع أقارب الضحايا أو تصويرهم، وعدم الإصرار على ذلك في حالة اعتذارهم، أو امتناعهم عن الحديث، أو رفضهم لالتقاط الصور لهم، وقد أدى عدم مراعاة هذه الجوانب إلى تعرض مجموعة من المصورين للضرب من أقارب ركاب إحدى الطائرات التي سقطت في مياه الخليج العربي ؛ وذلك عندما حاولوا التقاط صور لهم وهم  في وضع نفسي سيئ وأعصاب مشدودة ومنهارة وفي موقف عصيب بانتظار  إعلان المسؤولين في مطار البحرين لأسماء ضحايا الطائرة المنكوبة.[20]
فكل واحد من هؤلاء المصورين كان يحاول الخروج بأكبر كمية من الصور الانفرادية والمؤثرة ليرسلها إلى وكالات الأنباء أو الصحف التي يتعامل معها لتتصدر صفحاتها في اليوم التالي وتزيد في مبيعاتها، ويزيد من أسهمه ومكافأته دون أي اعتبار لمشاعر الناس، والحال التي كانوا عليها، وكونهم لا يرغبون  في نشر صورهم في تلك الحال التي لا يحبون أن يراها الناس .


5- عدم التوسع في ذكر أسماء الضحايا وبصفة خاصة في الحوادث والجرائم ذات الجانب الشخصي والعائلي والاجتماعي الخاص .
تورد الصحف في كثير من الأحيان في ثنايا الأخبار أسماء ضحايا الحوادث والجرائم، ولكن ينبغي على العاملين في تحرير هذه الأخبار عدم التوسع في إيراد أسماء الضحايا وبصفة خاصة في الحوادث والجرائم  ذات الجانب الشخصي والعائلي والاجتماعي الخاص كحوادث الانتحار وجرائم الشرف وهتك العرض والاغتصاب، وينبغي للصحف في هذا المجال الاستفادة من الطريقة المستخدمة في إعداد البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية السعودية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام الشرعية، حيث يلاحظ على هذه البيانات التزامها بعدم ذكر أسماء ضحايا هذه النوعية من الجرائم .
وقد أوردت إحدى الصحف[21] خبر إصدار النيابة العامة المصرية أمراً بحبس أحد الجناة بتهمة قتل امرأة عمداً مع سبق الإصرار والترصد المقترن بالسرقة، وقد أوردت الصحيفة اسم المرأة القتيلة ثلاثياً، وذكرت أنها تعمل معدة برامج في التلفزيون المصري، وقد وضعت الصحيفة هذا الخبر في صدارة الصفحة الرئيسة لموقعها على شبكة الإنترنت، وقد نقلت الصحيفة جزءاً كبيراً من الاعترافات التفصيلية التي أدلى بها المتهم عن جريمته وملابساتها ودوافعه لارتكابها، ومن بين ما نسب إلى المتهم قوله  إنه وقع في حبائل القتيلة التي نصبت شباكها حول شبابه بعدما تعرف عليها إثر مقابلة تلفزيونية في برنامج جماهيري كانت تعده للتلفزيون، ومنذ ذلك الحين أصبح عبداً لنـزواتها المجنونة، ليس له مهنة سوى أن يشبع رغباتها المتوحشة والشاذة مقابل بعض الجنيهات التي كانت تمنحها له بعد أن اشترت رجولته وكرامته بأموالها، وواصلت الصحيفة سرد بقية تفاصيل العلاقة، وكيف أن القتيلة بدأت في الفترة الأخيرة تغير معاملتها له، وترفض إعطاؤه شيئاً من مالها بعد أن تعود على النفقات الكبيرة، مما جعل الطمع يملأ قلبه في الاستيلاء على ثروتها، فقرر التخلص منها وسرقتها . إن كلاما خطيراً مثل هذا يشتمل على اتهامات كبيرة تمس عرض هذه المرأة، وتقدح في شرفها وعفتها لا ينبغي لصحيفة تستشعر مسؤولية النشر وخطورة الكلمة أن تقوله  في حق امرأة موجودة على قيد الحياة تستطيع الدفاع عن نفسها، ورد التهم الموجهة لها، فكيف تقبل أن تقوله في حق امرأة أصبحت في عداد الأموات، وليس بمقدورها أن تنفي أو تثبت شيئاً مما قيل عنها أو نسب إليها . وإن جزءاً كبيراً من مسؤولية نشر هذا الكلام يقع على عاتق الجهات الأمنية التي وافقت على تسريب الاعترافات التفصيلية للمتهم إلى الصحف.

6- عدم المبالغة في ذكر أسماء رجال الأمن والموظفيين الرسميين .
يلاحظ على كثير من الصحف التوسع والمبالغة في نشر أسماء رجال الأمن والموظفين الرسميين في أخبار الجرائم والحوادث مقرونة برتبهم العسكرية، ووظائفهم الرسمية، وقد تجد في الخبر الواحد أسماء عدد كبير من رجال الأمن ممن تقول الصحيفة بأنهم ساهموا في عملية القبض على المجرمين، أو وقفوا على الحادث وتابعوا عمليات الإنقاذ، وقد يرد في الخبر أسماء بعض كبار المسؤولين من رجال الأمن ممن لم يكن لهم دور مباشر في متابعة الجريمة أو الحادث، وهو تصرف دأبت عليه كثير من الصحف من باب العلاقات العامة وردّ الجميل وتقوية العلاقة مع رجال الأمن الذين يزودون الصحف بتفاصيل ما يقع من جرائم وحوادث، وهو تصرف يلقى إقبالاً وترحيباً من فئة كبيرة من رجال الأمن ممن يسرهم أن يروا أسماءهم منشورة في الصحف مقرونة بصورهم وإنجازاتهم  .
وقد أوردت إحدى الصحف [22]خبراً عن العثور على جثة في قمة أحد الجبال في مكة المكرمة، وتضمن الخبر أسماء أربعة من رجال الأمن، تكرر اسم واحد منهم ثلاث مرات، وتكرر اسم اثنين منهم مرتين . وقد ورد في نفس العدد من الصحيفة خبر آخر تضمن أسماء مجموعة من رجال الأمن بشكل مبالغ فيه، فقد جاء الخبر على النحو التالي " لقي شخصان مصرعهما وأصيب آخر في حادث تصادم سيارة كريسيدا موديل 96 وشاحنة مرسيدس بالقرب من مركز القوز التابع لمحافظة القنفذة . باشرت الحادث فرقة من الدوريات بقيادة الرقيب ……….، وفرقة من الدفاع المدني بقيادة وكيل الرقيب ………..ووكيل الرقيب …………والعريف …………والجندي ………..وقاموا بفك حديد الكريسيدا واستخراج جثتي المتوفيين السائق أحمد جابر وشخص آخر كان برفقته . مدير شرطة القنفذة بالنيابة المقدم ………….أوضح أن سبب الحادث هو السرعة الزائدة والتجاوز الخاطئ أثناء الليل " [23] ويلاحظ على هذا الخبر أن أسماء رجال الأمن احتلت ما يقارب نصف مساحة الخبر .
ويمكن أيضاً على ضوء المعلومات والأسماء الواردة في الخبر السابق القول بأنه يمكن تقسيم أسماء رجال الأمن التي توردها الصحف إلى قسمين : قسم يرتبط إيراده في ثنايا الخبر بوجود كلام أو تصريح منسوب إليه، وقسم آخر من رجال الأمن تورد الصحف أسماءهم في ثنايا الخبر لمجرد كونهم شاركوا في أعمال القبض أو المداهمة أو الإنقاذ أو أشرفوا أو وجهوا أو تابعوا دون أن تكون هناك تصريحات مأخوذة منهم، أو عبارات منسوبة إليهم، ففي القسم الأول لا اعتراض على إيراد الصحف لأسماء المسؤولين ورجال الأمن طالما أن هناك مبرراً مقبولاً لذكر أسمائهم وهو وجود عبارات وتصريحات منسوبة إليهم، أو تم عرض وجهة نظرهم أو أخذ رأيهم في بعض ما ورد في الخبر من معلومات، أما القسم الثاني فليس هناك مبرر لسرد أسمائهم وحشرها في ثنايا الخبر، وما قاموا به من عمل هو جزء من أعمالهم الرسمية، وأداء للمسؤولية المناطة بهم والموكلة إليهم .
ومع ما قد يترتب على نشر هذه الأسماء من مخاطر قد يتعرض لها رجال الأمن، فإن هذه الأخبار تتضمن في بعض الأحيان أسماء بعض رجال الأمن ممن يفترض أن تبقى أسماؤهم وطبيعة أعمالهم مجهولة لعامة الناس كرجال المباحث مثلاً الذين يتوقف إنجازهم لأعمالهم على الوجه المطلوب على بقاء شخصياتهم مجهولة، ونشاطاتهم في طي الكتمان .

       
       7- التأكد من صحة الأسماء المذكورة في الخبر، ومراعاة الدقة في كتابتها .
إذا ما قررت الصحيفة ورأت أن من المصلحة ومن المناسب إيراد بعض الأسماء الصريحة في ثنايا الأخبار المتعلقة بالجرائم أو الحوادث، فينبغي التدقيق الشديد في صحة هذه الأسماء، والاعتناء الكبير بالتحقق منها، وكذلك عند كتابتها بحروف أخرى غير حروف اللغة الأصلية لأصحاب هذه الأسماء، أو عند ترجمة الأخبار من لغات أخرى، لئلا يؤدي نشر هذه الأسماء لحصول لبس أو ضرر على أشخاص آخرين في حالة تشابه أسمائهم مع الأسماء الواردة في الخبر، وقد يكون من المناسب في بعض الأحيان إيراد الاسم بشكل ثلاثي أو رباعي مقروناً بالجنسية، أو تاريخ الميلاد، أو طبيعة العمل الذي يزاوله، كما ينبغي التأكد من وضع كل اسم في مكانه من الخبر أثناء صياغة الخبر وإعداده للنشر، ومراجعته جيداً لضمان عدم الوقوع في أخطاء لا يمكن التراجع عنها أو تداركها بعد النشر، ومن أمثلة ذلك .. الخطأ الذي وقعت فيه إحدى الصحف الأمريكية عندما نشرت خبراً عن مطاردة أحد الأشخاص للص تخصص في سرقة الحقائب في الشوارع وإلقاء القبض عليه، ولكن الصحيفة أخطأت عندما ذكرت اسم الشخص الذي ألقى القبض على أنه اسم اللص، ووضعت اسم اللص مكان اسم هذا الشخص، وقد ترتب على هذا الخطأ حصول هذا الرجل على تعويض ضخم من الجريدة . [24]

      8- عدم ذكر معلومات أو أوصاف يمكن أن تحدد الشخص غير المصرح  باسمه 
تلتزم بعض الصحف بعدم نشر بعض الأسماء التي يكون من المناسب عدم إيرادها سواء في أخبار الحوادث أو الجرائم، ولكنها تقع في خطأ آخر بقصد أو عن غير قصد ويتمثل في إيراد بعض الأوصاف التي يمكن أن تحدد الشخص الذي لم يتم التصريح باسمه، وتجعله معروفاً عند كثير من القراء، كجنسيته، وعمره، والجهة التي يعمل فيها، ومقر سكنه، وبعض الأوصاف التي يمكن أن تحدد شخصيته مثل كونه ( كثير السفر)، أو ( على علاقة متوترة بالضحية )، أو ( سبق له دخول السجن في قضايا مشابهة )، أو ( تم فصله من عمله قبل أشهر )، وقد تقرن ذلك بذكر الحرف الأول من اسمه واسم أبيه، أو اسم عائلته، مما يجعل شخصيته معروفة عند عدد كبير من سكان المدينة التي يعيش فيها، أو الحي الذي يقطن فيه، أو الأشخاص الذين زاملهم أو تعامل معهم، وقد تكون طبيعة الحادث ذات خصوصية معينة، وتمس جوانب شخصية في حياة الضحية ليس من المناسب الحديث عنها على صفحات الصحف ونشرها على الملأ، ومثال ذلك ما نشرته إحدى الصحف [25]عن إقدام مواطن سعودي في المدينة المنورة على الانتحار بعد أن فقد رجولته بسبب عملية بواسير أجريت له في مستشفى خاص، ولم تذكر الجريدة اسم الشخص المنتحر، ولكنها ذكرت أن عمره 42 عاما، ولديه خمسة أطفال، وأنه يعمل في القطاع الحكومي منذ أكثر من 14 عاماً، وأشارت إلى أنه دخل المستشفى النفسي مرتين متتاليتين، ووصل إلى مرحلة الجنون في آخر أيامه، وأنه حاول الانتحار عدة مرات حيث رمى نفسه مرتين في خزان المياه، وصعق نفسه بالكهرباء، وقد كانت قصة انتحار هذا الرجل الموضوع الرئيس في الصفحة الأخيرة من الجريدة، وسبق القصة عنوان بحروف كبيرة امتد على مساحة سبعة أعمدة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العناوين الفرعية والداخلية، وقد اشتمل أحد هذه العناوين على كلام منسوب إلى الطبيب الذي أجرى العملية يدافع فيه عن نفسه ويشير إلى أن الضحية كان يعاني من ضعف جنسي سابق لإجراء العملية، ومع كل هذه المعلومات والعناوين الكبيرة والمثيرة التي أوردتها الجريدة عن هذا الرجل المنتحر، فإنها آثرت عدم ذكر اسم المستشفى الخاص الذي أجرى العملية مكتفية بالإشارة إلى أنها تحتفظ باسمه، فقد رأت الجريدة أن من المصلحة عدم التشهير بالمستشفى وإيراد اسمه صريحاً، ورأت في الجانب المقابل أن من المصلحة إيراد كل هذه المعلومات عن الضحية، وقد تكون الجريدة خشيت أن تتعرض لمساءلة أو رفع دعوى ضدها من هذا المستشفى، بينما تجرأت على هذا الرجل الذي انتقل إلى الدار الآخرة، وقدمت المصلحة الخاصة والإثارة الصحفية على حساب التشهير بهذا الرجل، والحديث عن أمور شخصية وعائلية خاصة جداً كان المفروض أن تبقى في نطاق أسرته، ولم تراع مشاعر زوجته وأولاده وأقاربه وجراحهم وآلامهم .  

9_ التأكد من صحة المعلومات قبل نشرها، والحرص على توثيقها من الجهات الرسمية
على الصحفي أن يحرص على استقاء المعلومات المتصلة بالجرائم والحوادث من الجهات الرسمية ذات الصلة كالجهات الأمنية، والمحاكم، والمستشفيات،  ويمكن له الحصول على بعض المعلومات والتفاصيل من أقارب المجرمين أو الضحايا، أو من زملائهم وأصدقائهم، أو من الجهات التي عملوا فيها أو تعاملوا معها، أو من شهود الجريمة أو الحادث، ولكن ينبغي أن يتعامل بحذر شديد مع المعلومات التي حصل عليها من مصادر غير رسمية، ويفضل ضماناً للدقة وحماية من الوقوع في نشر معلومات خاطئة أو تناقض ما هو موجود في سجلات الجهات الرسمية أن يعرض المعلومات التي توفرت عنده على هذه الجهات، ولو أدى ذلك إلى تأخير النشر، أو حذف بعض المعلومات التي بذل جهداً كبيراً في الحصول عليها ويرى أنها تمثل سبقاً صحفياً له ولصحيفته .
وقد تضمن تقرير اللجنة التي شكلت للتحقيق في الحريق الذي وقع في إحدى مدارس البنات في مكة المكرمة إشارة إلى قيام بعض الصحف والصحفيين بنشر معلومات بعيدة عن الواقع فيما يخص هذا الحادث، ويغلب على أكثرها طابع الإثارة، ولذلك فقد أوصت اللجنة " بأن على وزارة الإعلام التأكيد المشدد على رؤساء التحرير والصحفيين بتحري الدقة والصدق والأمانة عند نشر الأخبار خاصة المتعلقة بالحوادث والحالات الطارئة، وعدم إجازة نشر أي معلومات غير مؤكدة أو موثقة من المصادر الرسمية كون ذلك قد يؤثر على مجريات التحقيق، ويتسبب في إثارة المشاعر بطريقة سلبية، ومن لا يلتزم بذلك فلابد من معاقبته بأقصى عقوبة نظامية " [26]

وينبغي في هذه الحالة أن يكون هناك تعاون وثيق بين الجهات الرسمية والصحف، بحيث تحرص هذه الجهات على تزويد الصحف بالمعلومات الدقيقة والصادقة حتى لا يضطر العاملون في هذه الصحف إلى البحث عن المعلومات من مصادر أخرى، فلم يكن من المناسب مثلاً أن تنشر إحدى الصحف[27] تصريحاً لمسؤول كبير في الدفاع المدني السعودي ينفي فيه ما تناقلته بعض الصحف المحلية حول وجود وفيات وإصابات في الحريق الذي اشتعل في أحد المباني التجارية في مدينة الخبر، بينما تنشر صحيفة أخرى[28] في نفس اليوم الأسماء الكاملة لمجموعة من المصابين في الحريق من العمال ورجال الإطفاء .

ومن الانتقادات التي توجهها الصحف إلى بعض الجهات الأمنية تكتمها على المعلومات ورفضها تزويد هذه الصحف بالبيانات و الإحصاءات، واعتبارها أسراراً لا يمكن نشرها، وقد أكد  مدير عام الدفاع المدني السعودي وجود هذه التهمة، واعترف بأن إخفاء  المعلومات والإحصاءات من الأسباب التي جعلت البعض يركز على سلبيات الدفاع المدني التي قد تحدث مما يجعل النظر إليه كمقصر في بعض الجوانب، وأيّد إعلان الإحصاءات ونشرها، وأن إدارته ستلجأ في المستقبل إلى إعطاء معلومات وإحصاءات دقيقة عن كل ما يتعلق بأعمال الدفاع المدني . [29]
وقد نفى هذا المسؤول التهمة الموجهة إلى إدارته بحساسيتها الشديدة تجاه الملاحظات والنقد الموجه إليها في الصحافة، وأنها كثيراً ما تشكو الصحف للجهات المعنية في حالة تعرضها للنقد وبيان أوجه القصور في عملها، وردّ التهمة إلى الصحافة قائلاً إن إدارته تقبل النقد والملاحظات، ولكنها عندما ترد على ما يكتب في وسائل الإعلام فإن هذه الوسائل تتعامل مع الردود بشيء من الحساسية كما حدث من تصحيح الإدارة للظلم الذي وقع عليها عندما ذكرت  إحدى الصحف أن الدفاع المدني لم يستخدم الرغاوي في إطفاء حريق كبير حدث في مصنع للسجاد في مدينة جدة بينما تم استخدام أكثر من 400 جالون رغوة في التعامل مع هذا الحريق . [30]
وفي الجرائم والحوادث الكبيرة التي تهز المجتمع كالتفجيرات واختطاف الطائرات والكوارث ينبغي على الجهات الأمنية المسارعة إلى إعلان ما توفر لديها من معلومات أولية وعدم ترك المجال للبلبلة وانتشار الشائعات واضطرار الناس ووسائل الإعلام إلى اللجوء إلى مصادر أخرى خارجية قد تبث معلومات مغلوطة أو غير دقيقة،  "وهناك فرضية أمنية ترى عدم التعجل في الإعلان عن حدوث بعض الحوادث حتى تستكمل عناصر الحدث، وتتم التحقيقات الأولية، وتتعرف الجهات الرسمية على تفاصيل الحقيقة، لكن الآثار الأخرى المترتبة على مثل هذا التأخير قد تغلب على الفائدة المرجوة، ومن ذلك أن تسبق إلى النشر عنه وسائل أخرى ليس لديها المعلومات الكافية والحس الوطني . والموضوعية والمصداقية وعرض الحقائق هي المرتكز الأساسي الذي ينبغي أن يبنى عليه دور الإعلام في الأحداث حتى لا يترك المجال لثغرات تنفذ منها إشاعات أو تأويلات مغرضة، أو لحدوث فراغ تملؤه وسائل إعلام خارجية، بأي إضافة أو تحريف أو تفسيرات في غير محلها " [31]


المبحث الثاني

قواعد خاصة بنشر أخبار الجرائم


1_ عدم التوسع في إيراد تفاصيل الجريمة، والطريقة المستخدمة في تنفيذها
تقع كثير من الصحف في خطأ كبير يتمثل في  التوسع في إيراد تفاصيل الجريمة،  والحديث بإسهاب عن الطريقة المستخدمة في التخطيط لها، وطريقة تنفيذها، والوسائل والأساليب المستخدمة في ذلك، وهذا التصرف يوحي بعدم إحساس العاملين في هذه الصحف بالمسؤولية الملقاة على عواتقهم، وعدم تقديرهم لحجم الضرر المترتب على نشرهم لهذه التفاصيل والمعلومات الخطيرة ,وأنهم بهذا العمل يساهمون في انتشار الجريمة في المجتمع عن طريق تعريف الأفراد ذوي السلوك المنحرف بأمور ووسائل وأساليب قد يستخدمونها عند إقدامهم على ارتكاب الجرائم في المستقبل مستفيدين مما قرأوه عنها في هذه الصحف . ولا يتفق الباحث مع بعض المراجع الإعلامية[32] التي رأت أنه لا بد للقصة الإخبارية في حال الجريمة من أن تشتمل على الطريقة والكيفية التي تمّ بها قتل الضحايا أو إصابتهم .
وينبغي للصحفي هنا الاسترشاد بمنهج القرآن الكريم في الحديث عن أول جريمة قتل حصلت في البشرية، وهي جريمة قتل أحد أبناء آدم عليه السلام لأخيه[33]، فقد مرّ القرآن الكريم على جريمة القتل مروراً سريعاً ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ ) وعبّر عنها بكلمة واحدة ( فَقَتَلَه ) ولم يتوسع في الحديث عن تفاصيل الجريمة، ولا الطريقة المتبعة في التخطيط لها، أو الوسيلة التي استخدمت في تنفيذها، وتم التركيز في بقية الآية وفي الآيات التي تلتها على شعور القاتل بالندم، وعلى الصراع النفسي وتأنيب الضمير الذي عانى منه بعد تنفيذه لجريمته.
ومن أمثلة [34] توسع بعض الصحف في إيراد التفاصيل الدقيقة لبعض الجرائم، الخبر الذي أوردته إحدى الصحف عن إلقاء القبض على شخصين بتهمة تزوير أختام بعض الجهات الرسمية، وتضمن الخبر تفاصيل الطريقة المستخدمة في تزوير الأختام حيث أوردت الجريدة عبارات منسوبة إلى أحد رجال الأمن ذكر فيها أن المتهم " يزوّر الأختام بطريقة مبتكرة مستخدماً لوحاً زجاجياً ومصباحاً كهربائياً لوضع الختم الذي يزوّره فوق اللوح وعكس الإضاءة عليه، ومن ثم رسم الختم المطلوب على ورق بلاستيك شفاف وتحديده بمادة حبرية معينة ووضعه على الخطاب الذي ينوي تزويره للجهات المعنية، كما يزوّر المتهم لاصق الغرفة التجارية وذلك بطريقة البخار، حيث يضع اللاصق القديم على البخار وينـزعه ثم يضعه على خطاب آخر، ويستخدم الرسم الشكلي بأقلام خاصة بتزوير الأوراق الرسمية"[35]
كما أوردت صحيفة أخرى خبراً عن إلقاء القبض على مهرب استخدم سيارة نقل في تهريب كمية من القات حيث قام " بحمل ألواح كنتر بعدد 80 لوحاً بها رباط خاص بشكل متقن يوحي أن الألواح قادمة من المصنع أو المستودعات وأنها لم تستخدم من قبل، وبفك رباط الألواح وجد أن هناك ثلاث طبقات من الألواح سليمة، والباقي منها مجوفة وبها كمية كبيرة من القات " [36]
كما أوردت صحيفة أخرى خبراً عن إلقاء أجهزة مكافحة المخدرات في مصر القبض على شخصين بتهمة تهريب المخدرات، وذكرت الصحيفة أن المتهمين استخدما طريقة مبتكرة لم تعهدها أجهزة المكافحة من قبل حيث " قاما بتصنيع حقيبة من مسحوق الهيروين الذي تمكنا من معالجته بشكل كيميائي بحيث أصبح جسم الحقيبة ذاته عبارة عن مخدر الهيروين مغلفة بطبقة رقيقة من الخشب .. وكان من بين المضبوطات أيضاً أدوات حلاقة مصنوعة من مادة الهيروين، وقد اعترف المتهمان أنهما دخلا بتلك الحقيبة إلى ألمانيا وانجلترا وإيطاليا دون أن يكتشفها أحد، لأن من يبحث عن الهيروين عادة ما يبحث داخل الحقيبة دون أن يدور بخلده أن تكون الحقيبة نفسها مصنوعة من الهيروين " [37] إن هذه الصحيفة بنشرها هذا الخبر لا تكتفي بتعريف الناس بطريقة حديثة ومبتكرة لتهريب المخدرات، ولكنها تخبرهم أيضاً بأن هذه الطريقة مضمونة ويصعب اكتشافها، والدليل على ذلك أن هذه الحقيبة مرت على ثلاث دول أوروبية ولم يكتشفها أحد .
ومن الأمثلة الأخرى على التوسع في إيراد التفاصيل التي يمكن الاستغناء عنها، التصريح الذي  نقلته إحدى الصحف منسوباً إلى مدير شرطة العاصمة الأردنية والذي أشار فيه إلى أنه " تم القبض على ستة أشخاص تخصصوا في سرقة السيارات السعودية، وكانت خططهم هي المراقبة ثم إيقاع السرقة، ومن ثم تفكيك المركبة بالاتفاق مع أصحاب الكراجات المتهمين، ثم القيام بعمليات تزوير جميع  أوراق السيارة وتهريبها كاملة إلى إحدى الدول المجاورة، أما الطريقة الثانية فكانت قيامهم بتفكيك السيارة المسروقة إلى سيارة أردنية مشطوبة من نفس الموديل، أو تفكيك السيارة وبيعها كقطع غيار، وقال المجالي إن هذه المجموعة كانت تقوم بسرقة السيارة السعودية وتبحث عن سيارة من نفس الموديل تحمل نمرة  أردنية ولكنها تكون مشطوبة ميكانيكياً لا يستفاد منها،  ومن ثم يقومون بنقل أجزاء السيارة العربية ويقومون بتركيبها على شاصي السيارة الأردنية المشابهة ثم يتخلصون من شاصي المركبة  المسروقة ومن المحرك خوفاً من انكشاف أمرهم كونهما يحملان أرقاماً لا يمكن التلاعب بهما حيث تصبح السيارة الأردنية المشطوبة مثل الجديدة وتباع بسعر أعلى بكثير "[38]
كما تضمن نفس الخبر تفاصيل عن جريمة أخرى تدور حول " إلقاء القبض على شخصين تخصصا بالاحتيال على 14 شركة تأمين عن طريق افتعال حوادث سير وهمية وتحصيل قيمة التأمين من هذه الشركات حيث بلغت قيمة المبالغ المحصلة بهذه الطريقة ما يزيد على 30 ألف دينار أردني ( 45 ألف دولار) كما أنهما اتخذا أسلوباً آخر في الاحتيال حيث كانا يقومان بشراء سيارة موديل قديم والتأمين عليها، ثم التعميم عنها بأنها سرقت، في حين يقومان بتقطيع هذه السيارة إلى أجزاء وبيعها كقطع وتحصيل ثمنها من شركة التأمين أيضاً " [39]
وفي خبر آخر أشارت إحدى الصحف إلى قيام أحد الأشخاص بارتكاب عمليات احتيال على عدد كبير من مستخدمي أجهزة الصرف الآلي، وقد تمكن من سرقة أموالهم الموجودة في حساباتهم البنكية باستخدام بطاقاتهم الائتمانية، أما الطريقة التي استخدمها في الإيقاع بضحاياه فتتمثل في " التنقل بين أجهزة الصرف الآلي وهو يحمل بطاقات منتهية الصلاحية، ويعمد إلى انتقاء ضحاياه ممن لا يجيدون القراءة والكتابة من كبار السن وغير المتعلمين بهدف مساعدتهم على سحب أموالهم، وبعد أن يحصل على الرقم السري للبطاقة يقوم بإدخال بطاقة أخرى من البطاقات التي يحملها ثم يوهم صاحب البطاقة أنها غير صالحة وعليه مراجعة البنك ليقوم بعد ذلك بالتوجه إلى صراف آخر لاستخدام البطاقة المسروقة وسحب المبلغ الموجود في الحساب " [40]
كما نشرت إحدى الصحف خبراً عن إلقاء القبض على عصابة مارست النصب والاحتيال على عدد كبير من الأشخاص عن طريق إقناعهم أن باستطاعتها تجهيز مبالغ كبيرة من الدولارات الأمريكية باستخدام بعض المواد الكيماوية، "ويتلخص أسلوبهم الإجرامي بإحضار ورقة نقدية صحيحة من فئة المائة دولار ثم يتم طمس كامل الورقة بمادة تشبه البودرة البيضاء ويصبح شكل الورقة أبيض، ثم يقومون بعمل قصاصات ورق بيضاء اللون بحجم ورقة المائة دولار، ووضعها على شكل ربطات كل ربطة تضم مائة ورقة، ووضع ورقتين صحيحتين من فئة المائة دولار على كل حزمة من الأعلى والأسفل، وعند حضور الضحية يقومون بسحب الورقة الأولى من الحزمة ويوهمونه بغسلها بمواد كيماوية، وبعد غسلها يظهر الشكل الصحيح للدولار، ويعتقد المجني عليه حينها بأن جميع الأوراق على نفس الشاكلة، ثم تطلب العصابة مبالغ مالية كبيرة مقابل شراء المواد الكيماوية، وعندما يحصلون على المبلغ يواعدونه بالحضور في اليوم الثاني ويولون بالهرب " [41]
وقد وصلت المبالغة في ذكر التفاصيل إلى الحد الذي قدمت فيه إحدى الصحف معلومات مجانية للشباب والمراهقين في كيفية صناعة العبوات المتفجرة بأسلوب بدائي ورخيص، وبمواد متاحة للجميع ؛ فقد نشرت هذه الصحيفة[42] خبراً عن صدور حكم بالسجن والجلد لطالبين اشتركا في صناعة عبوة مفرقعة ورميها داخل إحدى المدارس مما أدى إلى إحداث فزع كبير بين الطلاب والمدرسين، وأشارت الصحيفة في ثنايا الخبر إلى أن الطالبين صنعا هذه العبوة باستخدام قارورة مشروب غازي من الحجم العائلي وضعا فيها مادة ( الفلاش ) والقصدير .

        ولنا أن نتساءل هنا عن المصلحة من وراء نشر مثل هذه المعلومات الخطيرة، والتفاصيل الدقيقة الواردة في الأخبار السابقة، وعن الفائدة التي يفترض أن يجنيها القارئ من معرفة مثل هذه المعلومات والتفاصيل . والحقيقة التي ينبغي عدم إغفالها هنا أن اللوم في هذه التجاوزات لا يوجه للصحف فقط وإنما يوجه أيضاً إلى رجال الأمن الذين يعقدون المؤتمرات الصحفية، ويدلون بالتصريحات، ويوفرون المعلومات للصحفيين، فهم أعرف الناس بخطورة هذه المعلومات، والآثار المترتبة على نشرها في الصحف العامة، واطّلاع عامة الناس، وفئات المجتمع المختلفة عليها.
         وينبغي الإشارة هنا إلى أن بعض ما ينشر في الصحف السعودية من تفاصيل لبعض الجرائم لا يقع اللوم فيه على العاملين في هذه الصحف نظراً لكونهم ينشرون البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية في ما يتعلق بتنفيذ القصاص وإقامة الحدود على المجرمين كاملة كما وردت إليهم دون تصرف فيها بزيادة أو حذف، ولذلك فإن الحديث هنا يوجه إلى العاملين في الجهات الأمنية ممن يتولون صياغة هذه البيانات، في ضرورة عدم التوسع في ذكر بعض التفاصيل التي تتضمن معلومات عن أمور لا ينبغي الحديث عنها بإسهاب كالطريقة التي استخدمها الجاني في استدراج الضحية، أو الأسلوب الذي اتبعه في التخلص من جثته برميه في بئر مهجورة، أو المرور على جثته بعجلات السيارة لإيهام الجهات الأمنية بأن سبب الوفاة يعود إلى حادث مروري، أو إشعال النار في مكان الجريمة لإيهام رجال الأمن بأن الوفاة ناتجة عن حريق، أو الطريقة المستخدمة في تهريب المخدرات، وغير ذلك من التفاصيل التي يمكن حذفها من البيان دون التأثير على المضمون الرئيس .
ويلاحظ القارئ لهذه البيانات الرسمية أن هناك تفاوتاً في طريقة صياغة هذه البيانات، وفي حجم التفاصيل الواردة فيها، فتجد في أحد البيانات مثلاً إشارة إلى إلقاء القبض على أحد الأشخاص لتهريبه كمية من المخدرات إلى المملكة دون الإشارة إلى الطريقة التي استخدمها في التهريب، بينما تجد في بيان ثانٍ عن مهرب آخر إشارة إلى الطريقة التي استخدمها في التهريب، مما يوحي للقارئ أن هناك أكثر من جهة تتولى صياغة هذه البيانات، وقد تكون هذه الجهات مرتبطة بمناطق المملكة المختلفة بحيث تقوم كل جهة أمنية بصياغة البيانات الخاصة بالحدود والأحكام الشرعية المنفذة في المنطقة التابعة لها، مما يستدعي إسناد إعداد هذه البيانات وصياغتها إلى جهة واحدة في وزارة الداخلية، أو على الأقل عرض هذه البيانات عليها قبل توزيعها على وسائل الإعلام لتقوم  بمراجعتها، وحذف العبارات والتفاصيل التي ترى أن من المصلحة عدم نشرها، والتي لا يؤثر حذفها على بقية المعلومات الواردة في البيان، ولا يخل بالشكل النهائي الذي سيظهر به .

2- عدم التطرق إلى خطط رجال الأمن أو الأخطاء التي وقع فيها المجرمون .
هناك بعض الأمور التي ينبغي إغفالها تماماً وعدم التطرق لها أو الحديث عنها في ثنايا الأخبار المتصلة بالجرائم، ومن هذه الأمور ما يتعلق بتفاصيل الخطة التي وضعها رجال الأمن للقبض على المجرمين، أو الأسلوب والطريقة التي استخدموها للإيقاع بهم، وكذلك أيضاً ما يتعلق بالأساليب التي استخدمها المجرمون في إخفاء معالم الجريمة أو في تضليل الشرطة، أو الأخطاء التي وقعوا فيها وكان لها دور مباشر في  اكتشاف أمرهم والقبض عليهم، ومن الأمثلة على وقوع الجهات الأمنية والصحف في مثل هذا الخطأ، ما نشرته إحدى الصحف [43] منسوباً إلى نائب قائد عام شرطة دبي حول إلقاء القبض على أفراد العصابة التي سطت على أحد البنوك في دبي، وقد ذكر هذا المسؤول " أن أفراد العصابة ومن ضمنهم أحد موظفي البنك خططوا لجريمتهم بدقة بعد أن زودهم موظف البنك بخريطة توضح ممرات البنك الداخلية، واتفق معهم على توقيت التنفيذ حيث تكون حصيلة البنك النقدية بحوزته لحظة وقوع عملية السطو، وقاموا فعلاً بتنفيذ الخطة بإحكام، حيث دخل اثنان منهم إلى البنك من باب الطوارئ الخلفي واشهروا مسدساً في وجه الموظفين، وسلمهم شريكهم المبالغ النقدية كاملة .. وفروا هاربين بسيارة كانت تنتظرهم خارج البنك. وبالتحقيق مع الموظف حاول تضليل الشرطة بإعطاء أوصاف مغايرة لأوصاف الجناة، والتي تضاربت مع الأوصاف التي أدلى بها بقية موظفي البنك، وبمواجهته بالحقيقة انهار واعترف بأنه المخطط الرئيسي لعلمية السطو ." 

3_ الامتناع عن إطلاق أي أوصاف على المجرمين فيها تمجيد لهم
على الصحفي أن يحرص على عدم إطلاق أوصاف أو نعوت على مرتكبي  الجرائم يمكن أن يستشف منها تمجيدهم والثناء عليهم أو على ذكائهم أو قدراتهم الخارقة في التخطيط والتنفيذ والهروب والتخفي، وعدم الإشارة إلى الأوصاف أو أسماء الشهرة التي عرفوا بها بين الناس إذا كانت تنطوي على تمجيد أو إضفاء هالة أسطورية على المجرمين.
ومن بين الإرشادات والتعليمات التي وجهتها إحدى الصحف الإنجليزية لمحرريها كان هناك تركيز على هذا الجانب وتأكيد على " أن يكون مفهوماً لدى المحررين أننا لا نريد تمجيداً للمجرمين، فلا يصح مطلقاً أن نظهرهم بشكل أبطال، أو شهداء ونحو ذلك . إن المجرمين هم الأعداء الحقيقيون للمجتمع، ومن ثم لا يصح لنا أن نستخدم في الإخبار عنهم مثل هذه العبارات : ملك اللصوص، أسد العصابة، أستاذ الإجرام، روبين هود البلد الفلاني . فإن مثل هذه العبارات تثير خيال الشباب، والأطفال، وتدفعهم دائماً إلى السير في نفس الطريق " [44]
ومن الخطأ أيضاً أن تعمد الصحف إلى استدرار عطف الناس على بعض المجرمين، كأن تقول عن أحد اللصوص أنه لا يسرق إلا من أموال الأغنياء، وأنه يتبرع ببعض ما يسرق للفقراء، أو تقول عن أحد القتلة بأنه تخصص في قتل النساء الداعرات لتطهير المجتمع من فسادهن . 

4_ عدم إصدار أحكام مسبقة على المتهمين قبل ثبوت إدانتهم ( يراجع )
هناك أمر مهم ينبغي للصحف الانتباه له والالتزام به عند نشر أخبار الجرائم وهو " ألا تضع نفسها موضع القاضي وتصدر أحكامها مقدماً على المتهمين، وتلصق الصفات المختلفة بهم كصفة : مجرم وقاتل وسفاح قبل أن تتضح الحقيقة، وتصدر الأحكام القضائية لأنها إن فعلت ذلك عرضت نفسها لعقوبة التشهير والقذف في حالة ظهور براءة المتهم بعد المحاكمة العادلة " [45]

5-التعامل مع جرائم الأحداث وصغار السن بحذر شديد
تعد الجرائم التي يرتكبها الأحداث وصغار السن من الجرائم ذات الطبيعة الخاصة والحساسية الشديدة، ولذلك فإن على الصحفي أن يتعامل مع هذه الفئة من الجرائم بشيء من الخصوصية والحذر، وأن يقدر حجم المصلحة المترتبة على نشر الأخبار الخاصة بهذه المرحلة العمرية الخطرة والحساسة من حياة الإنسان، وأن يراعي الجوانب التربوية المتمثلة في كون مرتكبي هذه الجرائم مازالوا في مقتبل عمرهم ويمكن أن يؤدي نشر أخبار ما اقترفوه من جرائم إلى التأثير على مستقبلهم، وإمكانية استمرارهم في طريق الانحراف والجريمة في حال افتضاح أمرهم وتعرض سمعتهم  للاهتزاز في المجتمع المحيط بهم، ولذلك يرى كثير من المهتمين بهذا الموضوع " أن الخير كل الخير في عدم نشر هذه الأخبار، وفي العدول _ على الأقل _ عن ذكر أسماء أصحابها، وصورهم، والمعلومات التي تدل عليهم، أو تشير إليهم دون غيرهم، وذلك لأن الحدث لا يزال في مطلع حياته، والأمل كبير في إصلاحه، فإذا صلح بالفعل لا يكون من الخير أن يحتفظ الناس له في أذهانهم بتلك الصورة القبيحة" [46]. وأن هؤلاء " الأطفال لم ينضجوا إلى حد يكفي لكي يقدروا عواقب أعمالهم , وينبغي عدم تعريضهم للفحص أو التدقيق الجماهيري الذي قد يفسد مستقبلهم بصورة دائمة " [47]
وقد طالبت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية الصحف بعدم نشر أخبار الجرائم المتصلة بعثرات المراهقين، وأن على القائمين على هذه الصحف تطبيق قيم الإسلام الفاضلة في الستر على المتورطين والمخطئين من غير تشهير، وانتقدت الطريقة التي تتعامل بها الصحف في كشف عثرات المراهقين وانزلاقات المخطئين بتفاصيل مشينة مدعمة بالصور، مما يزيد من عناد بعض المنحرفين ويدفعهم إلى الغلو والانتقام . [48]


6_ عدم ذكر أسماء مرتكبي الجرائم إلا في الحالات التي تستدعي ذلك . ( يراجع )
تعمد بعض الصحف إلى ذكر أسماء مرتكبي الجرائم في الأخبار التي تنشرها، مع أن إيراد الأسماء في كثير من الجرائم لا قيمة له ولا فائدة متحققة من ورائه، وكثيراً مايتم تثبيت التهمة وصدور الأحكام على أشخاص أبرياء ثم تظهر براءتهم بعد مدة تصل في بعض الأحيان إلى عشرات السنين، ولذلك فالأفضل عدم ذكر أسماء مرتكبي الجرائم إلا في الحالات التي يتحتم فيها ذكر الأسماء كالأخبار المتعلقة بإقامة الحدود أو تنفيذ العقوبات الشرعية،أو كان نشر الاسم جزءاً من العقوبة، فالمعلومات التي يحتاج القارئ إلى معرفتها تتصل بالجرائم التي وقعت، وأسبابها ودوافعها، والعقاب الذي ناله مرتكبوها، أما أسماء مرتكبي هذه الجرائم فهو أمر ثانوي وذكرها في ثنايا الخبر لا يعني شيئاً كثيراً بالنسبة للقارئ، وعدم ذكرها لا يخل بمضمون الخبر، ولا يؤثر على المعلومات الأساسية الواردة فيه، وقد يترتب على ذكر الأسماء إساءة إلى أناس أبرياء لا ذنب لهم كأولاد المجرم ووالديه وأسرته وأقاربه،  وينبغي الاسترشاد هنا بمنهج القرآن الكريم في عدم التركيز على الأسماء، وعدم الحرص على ذكرها بشكل صريح،كما ورد في قصة قتل أحد أبناء آدم عليه السلام لأخيه  {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ} (المائدة: جزء من الآية 27)، وكما ورد في قصة يوسف عليه السلام مع اخوته {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُب } (يوسف: جزء من الآية 10)، وفي قصة قتل قوم صالح عليه السلام للناقة {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } (الشمس:12)
       


        7- عدم إيراد أسماء القضاة والشهود
وكذلك الحال بالنسبة لأسماء القضاة والشهود حيث ينبغي على الصحف الامتناع عن ذكر أسمائهم حماية لهم خاصة في القضايا الحساسة والخطيرة حيث من الممكن أن يؤدي نشر أسمائهم إلى تعرضهم للانتقام من شركاء المجرم أو أقاربه، ومن الأمثلة على عدم التزام الصحف بهذا الأمر ما نشرته إحدى الصحف من مقاطع من محضر التحقيق في قضية مقتل رئيسة تحرير إحدى المجلات الكويتية، وورد ضمن هذه المقاطع الأسماء الثلاثية  الصريحة لخمسة من شهود حادث إطلاق النار على القتيلة، وجنسياتهم، وأعمالهم، وهو أمر يساهم في تحديد شخصية هؤلاء الشهود، ويجعل التعرف عليهم يسيراً، وقد يلحق بهم وبأسرهم ضرر كبير،  ويجعلهم عرضة للانتقام من أقارب القاتل أو أفراد قبيلته، خاصة أنه ذكر في اعترافاته أنه أقدم على هذه الجريمة انتقاماً لقبيلته التي أساءت لها الصحفية القتيلة في بعض ما كتبته من مقالات . [49]
وينبغي هنا التأكيد على الخطأ الكبير الذي وقعت فيه الجهة الأمنية التي سربت محضر التحقيق إلى الصحف، وهو تصرف لا يمكن قبوله أو التجاوز عنه، وقد يترتب عليه تعريض حياة الشهود للخطر، بالإضافة إلى تأثيره على سير القضية.

8_ مراعاة الدقة والحذر عند اختيار الصور المرافقة للخبر
في بعض الأحيان تكون أخبار الجرائم مصحوبة ببعض الصور، وفي هذه الحالة من المهم جداً مراعاة الدقة والحذر الشديد في اختيار الصور المرافقة لهذه الأخبار، والتأكد من كونها تخص الجريمة المذكورة في الخبر، أو الأشخاص الواردة أسماؤهم فيه، فكثيراً ما تخطئ  الصحف في وضع صورة شخص مكان شخص آخر نتيجة الاستعجال، أو تشابه الأسماء، أو سوء ترتيب الأرشيف الخاص بالصحيفة، ويكون الخطأ مقبولاً في بعض الحالات، والضرر الناتج عنه محدود، ويمكن تدارك آثاره والاعتذار عنه، ولكن الأمر في الأخبار المتعلقة بالجرائم مختلف تماماً وخطير جداً، ويمكن أن تترتب عليه إساءة كبيرة لأشخاص أبرياء، وتشويه لسمعة أشخاص لا علاقة لهم بالموضوع لا من قريب أو بعيد، ومثال ذلك الخبر الذي أوردته إحدى الصحف البريطانية في صفحتها الأولى عن قيام مهاجر يمني بقطع رأس والده وتقطيع جثته، ونشرت الصحيفة مع الخبر صورة لسياسي يمني مشهور على أنها صورة القاتل، وقد ترتب على هذا الخطأ إساءة كبيرة لهذا الرجل الذي ذكر أن نشر صورته مع الخبر أحدث قلقاً واسعاً في أوساط أهله، وفي وسط الجالية اليمنية في بريطانيا، بالرغم من عدم وجود أي قرابة أو صلة بالضحية أو الجاني، وأنه بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الصحيفة إزاء ما أحدثته من ردود فعل سلبية في الجوانب النفسية والسمعة الشخصية سواء فيما يتعلق به أو بأسرته . [50]

9ـ تجنب الألفاظ النابية والعبارات التي تخدش الحياء عند تحرير الخبر  
ينبغي للصحفي أن يحرص عند تحرير الأخبار وصياغتها على انتقاء كلمات الخبر بعناية كبيرة، وتركيز شديد، واضعاً نصب عينيه أن الصحافة تدخل كل بيت ويقرؤها جميع أفراد الأسرة، مما يستلزم منه مراعاة قواعد الذوق والأخلاق العامة، وعدم إيراد الألفاظ النابية والعبارات التي تخدش الحياء في ثنايا الخبر، وبالذات في الجرائم الأخلاقية، والاكتفاء بالتلميح دون التصريح، والاستغناء عن كثير من الأمور والتفاصيل التي لا فائدة مرجوة من وراء ذكرها، والمرور بشكل سريع على الوقائع التي تتضمن سلوكيات مشينة ليس من المناسب إطلاع القارئ عليها .
    وقد كان أحد أساتذة الصحافة يقول لطلبته " انشروا الخبردائماً بالطريقة التي تستطيعون أن تقرؤوه على آبائكم وأمهاتكم وأخواتكم في منازلكم الخاصة " [51]
ومن الأمور السيئة التي لاحظها الباحث قيام بعض الصحف والكتاب بتحويل بعض الجرائم الأخلاقية إلى قصص مطولة بأسلوب أدبي مشوق، مع توسع الكاتب في إضافة كثير من عناصر الإثارة والتشويق، والمبالغة في الغوص في دقائق الجريمة وتفاصيلها مستعيناً بملفات الجرائم المحفوظة في أرشيف الجهات الأمنية، مع التركيز على الوقائع والجزئيات المثيرة للغرائز بهدف جذب القراء وزيادة مبيعات الصحيفة، وتدعيم القصة بمجموعة من العناوين الكبيرة والمثيرة والتي يتم انتقاؤها من بين أحداث القصة بعناية، وفي الوقت الذي تتوسع فيه هذه الصحف في سرد تفاصيل الجريمة، وتخصص لها مساحات واسعة، وقد تنشرها في عدة حلقات، إلا أنها تغفل في بعض الأحيان الحديث عن الحكم الذي صدر بحق المجرم، والعقوبة التي نالها، والمصير الذي آل إليه، وإن تحدثت عن هذا الجانب فإنها تتحدث عنه بشكل سريع ومختصر وفي كلمات قليلة في نهاية القصة . 



المبحث الثالث
قواعد خاصة بنشر أخبار الحوادث

1ـ التركيز على جانب العبرة والعظة في الحادث والأسباب التي أدت إليه
تتوسع بعض الصحف فيما تنشره من معلومات عن بعض الحوادث مع أن الأصل أن يتم التركيز على جانب العبرة والعظة في الحادث، وعدم التوسع في إيراد التفاصيل التي لا تخدم هذا الجانب، مع إعطاء أهمية خاصة للأمور والجوانب التي يمكن أن تفيد القارئ، وبالذات فيما يتعلق بالأسباب التي أدت إلى وقوع الحادث في حال تمكن الصحفي من معرفتها  ؛ كأن تتضمن الأخبار المتعلقة بحوادث السيارات الإشارة إلى أن هذه الحوادث كانت بسبب السرعة الزائدة، أو التجاوز الخاطئ، أو النوم أثناء القيادة، أو الإطارات المتهالكة، أو الكوابح المعطلة، وكأن تتضمن الأخبار المتصلة بحرائق المصانع أو المحلات التجارية أو المنازل الإشارة إلى أن أسباب هذه الحرائق راجع إلى التمديدات الكهربائية السيئة، أو التسرب في تمديدات الغاز، أو ترك الأطفال يعبثون بالنار أو بالألعاب النارية، وكأن تتضمن الأخبار المتعلقة بحوادث الغرق الإشارة إلى أن أسباب هذه الحوادث يرجع إلى السباحة في المستنقعات الناتجة عن مياه الأمطار، أو الابتعاد عن شاطئ البحر والسباحة في المياه العميقة، أو ترك الأطفال يلعبون بجوار المسابح التي لا يوجد حولها حواجز .   

2_ مراعاة خصوصية حوادث الانتحار وحساسيتها، وعدم التوسع في تفاصيلها والتكهن بأسبابها .
هناك أنواع من الحوادث ذات طبيعة خاصة، ويجب التعامل مع أخبارها وتفاصيلها بحذر شديد وانتباه كبير، ومن أمثلة ذلك حوادث الانتحار والأخبار المتصلة بها، فلا ينبغي التوسع هنا في الحديث عن الطريقة التي استخدمها المنتحر في إنهاء حياته، لخطورة ذلك وبالذات في ذكر بعض الطرق التي تعدّ مجهولة عند كثير من الناس،ولا يعرفها إلا القليل، ومن أمثلة ذلك ما نشر في عدد من الصحف عن إقدام امرأة على إنهاء حياتها بشرب مادة الفلاش، [52] وانتحار امرأة ثانية بشرب سم مخصص لقتل الفئران،[53] و محاولة امرأة أخرى الانتحار عن طريق تناول 30 قرصاً مرة واحدة من دواء مضاد للاكتئاب، [54]  وانتحار امرأة رابعة بتناول مجموعة كبيرة من الأقراص المخدرة .[55]وانتحار رجل بربط رقبته بسلك وتعليق نفسه بمروحة في سقف غرفته .[56]
إن عدم الإشارة إلى طريقة الانتحار والأسلوب المستخدم يساهم في عدم تقديم خدمات واستشارات مجانية عن الوسائل الأكيدة لإنهاء الحياة للذين يفكرون في الانتحار، وتعريفهم بوسائل لم تكن معروفة لديهم، أو تذكيرهم بوسائل كانت منسية عندهم، أو تأكيد عزمهم على استخدام طريقة كانوا يشكون في جدواها ومفعولها السريع والأكيد في إنهاء حياتهم، كما أن عدم الإشارة إلى الطريقة المستخدمة في الانتحار  لا يؤثر على مضمون الخبر ولا يعيق نشره، ومن أمثل ذلك الخبر التالي : " أقدم ( ف0ع ) 23 عاماً سعودي الجنسية على قتل نفسه انتحاراً في حي الجامعة خلف مستشفى الجامعة الأهلي في محافظة جدة بعد أن قام بسكب البنزين على جسمه وإشعال النار به، وقد حاولت والدته إنقاذه واستدعت الدفاع المدني الذي قام بدوره بنقله إلى مستشفى الملك عبد العزيز في محاولة يائسة لإنقاذه " [57] فحذف عبارة " بعد أن قام بسكب البنزين على جسمه وإشعال النار به " لا تؤثر على الخبر، وما بقي من الخبر فيه معلومات كافية تفي بالغرض من النشر .
ولا يتفق الباحث مع بعض المراجع الإعلامية[58] التي ترى ضرورة ذكر اسم المنتحر في حوادث الانتحار، وصفته، والطريقة التي استخدمها في الانتحار، وتؤكد على وجوب الكتابة بالتفصيل عن طريقة الانتحار ودوافعها إذا كانت شاذة وغير مألوفة .
وهناك قضية مرتبطة بحوادث الانتحار تتمثل في الحساسية الشديدة والخصوصية المتعلقة بهذه النوعية من الحوادث مما يستدعي من الصحفي الدقة الكبيرة والحذر الشديد في كل ما يورده في الخبر من كلمات أو معلومات، فالحوادث التي يبدو في ظاهرها أنها حوادث انتحار تعد من أصعب الحوادث من حيث المعالجة الصحفية ؛ فإذا ذكرت الشرطة أن رجلاً ما وجد مصاباً بطلق ناري قاتل في صدغه الأيمن، وفي يده اليمنى أو على مقربة منه مسدس .. أو أن شخصاً ما قفز أو سقط ليلاقي حتفه .. وإذا عثر على امرأة ميتة في الفراش وبجوارها زجاجة علاج خالية خاصة بأقراص منومة، فلا ينبغي استنتاج أية نتائج من هذه المعلومات، ووصف الحادث بأنه انتحار في حين أنه قد يكون بسبب جريمة قتل أو حادث أو وفاة عارضة، ولذلك فإن الأصوب أن يتم نشر المعلومات المعروفة والأكيدة والثابتة فقط، وتجنب التكهن في غياب أي تأكيد رسمي بواسطة محقق أو طبيب شرعي أو أي جهة أمنية مختصة . [59]
كما ينبغي على الصحفي تجنب أي عبارات في ثنايا الخبر يستشف منها القارئ أن الصحفي يريد أن يوحي بشيء معين، أو يلمح إلى سبب متوقع، أو يميل إلى فرضية محددة دون أن يكون هناك ما يسنده من أدلة مستقاة من الجهات الأمنية؛ كأن يقول مثلاً ( أن الضحية كان يمر بضائقة مالية ) أو ( أن علاقته بأسرته كانت متوترة في الفترة الأخيرة ) أو ( أنه كان على خلاف شديد مع رئيسه في العمل ) أو ( أنه كان ينوي الزواج من إحدى قريباته ولكنه جوبه برفض شديد من والده ) أو  ( أنه كان يعاني من مرض نفسي جعله منطوياً على نفسه ) وغير ذلك من العبارات الشبيهة .
وقد أوردت إحدى الصحف[60] خبراً عن انتحار فتاة في المدينة المنورة، ونسبت إلى مصادر مقربة من الأسرة " أن الفتاة التي تعيش مع والدها واخوتها الذين يوكلون إليها جميع أعمال المنزل، طلبت مراراً أن تزور والدتها المنفصلة عن والدها، لكن طلبها يواجه دائماً بالرفض، وقد أخبرها والدها بأنه سيقوم بتزويجها لشخص متزوج من ثلاث نساء ويكبرها بأكثر من 26 عاماً، وأنها إذا رفضت هذا الزواج فإنها ستحرم من مشاهدة والدتها مدى الحياة، وعند حلول الموعد المحدد لزيارة والدتها رفض اخوتها توصيلها وطالبوها بغسل ملابسهم بدلاً من ذلك، ولكنها في غفلة منهم توجهت إلى إحدى البنايات المجاورة لمنزلهم وصعدت إلى سطحها وقامت بإلقاء نفسها " لقد تضمنت هذه العبارات كلاماً خطيراً يتضمن اتهاماً بشكل غير مباشر لوالد هذه الفتاة واخوتها بأنهم كانوا وراء ما أقدمت عليه وهو اتهام خطير لا يمكن الاستناد فيه إلى عبارات منسوبة إلى ( مصادر مقربة من الأسرة ) ولا يمكن الجزم به أو نشره إذا لم يكن هناك ما يسنده من تحقيقات الجهات الأمنية، وقد تضمن السطر الأخير من الخبر ـ الذي نشر بعد يوم واحد من وقوع الحادث ـ إشارة إلى أن الشرطة باشرت الحادث وأن التحقيق مازال جارياً حول ملابساته، فإذا كان التحقيق مازال جارياً، والحادث لم يمض عليه سوى يوم واحد فكيف يعطي كاتب الخبر لنفسه الحق في نشر هذه الاتهامات واستباق ما سيسفر عنه التحقيق الذي يقول عنه بأنه ( ما زال جارياً ) .

3_ التعامل بحذر شديد مع الحوادث التي تمس الأفراد والممتلكات الخاصة .
 ضرورة الحذر الشديد عند إيراد المعلومات المتعلقة ببعض الحوادث مما يمس أشخاصاً بعينهم أو يمس ممتلكاتهم من منازل أو محلات تجارية أو مصانع أو سيارات، وينبغي في كثير من الأحيان استئذان أصحاب هذه الممتلكات قبل نشر أي شيء عن الحادث، وبصفة خاصة نشر الصور المتصلة بالحادث أو ضحاياه، أو  حجم الخسائر الناتجة عنه، أو الأسباب التي أدت إلى حصوله .
وقد ذكر مدير عام الدفاع المدني السعودي أن هناك تحفظاً من إدارته على نشر الصحف للأخبار المتعلقة بحوادث المنازل الخاصة، لأن هذا الموضوع يرتبط برغبة صاحب المنزل وموافقته، وليس لرجال الدفاع المدني الحرية في الإدلاء بأي تصريحات حول هذه الحوادث حفاظاً على خصوصيات المجتمع، أما بالنسبة للحوادث التي تقع في الأماكن العامة ويباشرها الدفاع المدني فليس هناك أي منع أو تحفّظ على نشر أخبارها، وبإمكان رجال الصحافة أخذ التصريحات من مسؤولي الدفاع المدني الموجودين في موقع الحادث لإبراز مجهود رجال الدفاع المدني وتغطية الحادث . [61]







مراجع الدراسة :

أولاً : الكتب
ـ جو هو هنبرج : الصحفي المحترف، ترجمة كمال عبد الرؤوف، ط1 ( القاهرة، الدار الدولية للنشر والتوزيع، 1990م ).
_ حسنين عبد القادر : الصحافة كمصدر للتاريخ، ط2 ( القاهرة، 1960 م ) .
ـ سعيد إسماعيل صيني : قواعد أساسية في البحث العلمي، ط1 (  بيروت، مؤسسة الرسالة، 1415هـ ) .
ـ عبد الرحمن الشبيلي : إعلام وأعلام، ط1، الرياض .
ـ عبد العزيز الغنام : مدخل في علم الصحافة، ط2 ( القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1977م ) .
ـ عبد اللطيف حمزة : المدخل في فن التحرير الصحفي، ط4 ( القاهرة، دار الفكر العربي ) .
- فاروق أبو زيد : النظم الصحفية في الوطن العربي ( القاهرة، عالم الكتب، 1986م )
ـ ليورنارد راي تيل، رون تيلور : مدخل إلى الصحافة، ترجمة حمدي عباس، ط1 ( القاهرة، الدار الدولية للنشر والتوزيع، 1990م ) .
ـ محمد فريد عزت : بحوث في الإعلام الإسلامي، ط1 ( جدة، دار الشروق، 1403هـ ) .
ـ يحيى بن شرف النووي: الأذكار، ط2 ( المدينة المنورة،دار التراث،1410هـ ) 
- يوسف محمد قاسم : ضوابط الإعلام في الشريعة الإسلامية وأنظمة المملكة العربية السعودية (جامعة الرياض، عمادة شؤون المكتبات،1399 )

ثانياً : البحوث
- فتحي كامل خفاجي : نشر الجريمة والعنف في وسائل الإعلام وموقف الإسلام منه، بحث مكمل للماجستير غير منشور، قسم الإعلام،المعهد العالي للدعوة الإسلامية، المدينة المنورة، 1403هـ .

ثالثاً : الدوريات
ـ إسماعيل أحمد النـزاري : نشر الجريمة بين النقد والاستحسان، مجلة ( الأمن والحياة )  العدد 182، لرجب 1418هـ .
ـ عبد الرحمن العيسوي: الإعلام والعنف والمواجهة العلمية، مجلة (الأمن والحياة) العدد 186، ذو القعدة 1418هـ .
ـ عمر المضواحي : الجريمة في الصحافة السعودية، مجلة (المجلة ) العدد 1106، 28/1/1421هـ .
_ د. نور الدين هنداوي : دور الإعلام في انتشار الجرائم، مجلة ( الأمن والحياة )، العدد 228، جمادى الأولى 1422هـ .
ـ مجموعة من أخبار الجرائم والحوادث المنشورة في أعداد متفرقة من جرائد ( الشرق الأوسط، الوطن، الاقتصادية، عكاظ، المدينة، البلاد، اليوم، الجزيرة، الرياضية، النخبة ) وجريدتي ( إيلاف، اتجاهات ) الإلكترونيتين .















ملخص لبحث
( قواعد عامة لنشر أخبار الجرائم والحوادث في الصحف )

تصل إلى الصحف كمية كبيرة من أخبار الجرائم والحوادث من مصادرها المختلفة على مدار ساعات اليوم، وأمام خصوصية هذه الفئة من الأخبار وحساسيتها الشديدة، واشتمالها على أمور وقضايا تمس بعض أفراد المجتمع  وحياتهم الخاصة بشكل مباشر، وتضمنها لمعلومات وتفاصيل يؤدي نشرها في بعض الأحيان إلى نتائج سلبية وآثار خطيرة على أمن المجتمع الذي تنشر فيه، لذا كان لابد من التعامل معها بحذر شديد، وبأسلوب خاص، وكانت هناك حاجة ماسة إلى وجود مجموعة من القواعد العامة التي يسترشد بها العاملون في الصحف، وينطلقون منها عند تحرير هذه الفئة من الأخبار ونشرها .
وقد اشتملت هذه الدراسة على تمهيد وثلاثة مباحث ؛ أورد الباحث في التمهيد آراء المؤيدين والمعارضين لنشر أخبار الجرائم في الصحف، أما المبحث الأول فقد تضمن مجموعة من القواعد المشتركة بين أخبار الجرائم والحوادث، بينما اشتمل المبحث الثاني على مجموعة من القواعد الخاصة بأخبار الجرائم، وتم تخصيص المبحث الثالث للقواعد الخاصة بأخبار الحوادث .









[1] ) عند استخدام كلمة ( صحف ) أو (صحافة ) في هذا البحث فإن الباحث يقصد بالكلمة معناها الواسع الذي يشمل الجرائد والمجلات .
[2] ) د. حسنين عبد القادر : الصحافة كمصدر للتاريخ ، ط2 ( القاهرة ، 1960م ) ص 125 .
[3] ) د. نور الدين هنداوي : دور الإعلام في انتشار الجرائم ، مجلة ( الأمن والحياة ) العدد 228 ، جمادى الأولى 1422هـ ، ص 60 .
[4] ) انظر : د. فاروق أبو زيد : النظم الصحفية في الوطن العربي ( القاهرة ، عالم الكتب ، 1986م ) ص 78_318.
[5] ) يقصد بجرائم النشر " ما يرتكبه الناشرون ومن في حكمهم من مخالفات نظامية بما ينشرون أو بما لا ينشرون ، بمعنى أن النظام قد نص على الالتزام بأمور معينة ، فتقع جرائم النشر بالإقدام على نشر شيء حظر النظام نشره ، أو عدم نشر شيء أوجب النظام نشره ، أو نشر شيء على نحو يخالف ما أوجب النظام نشره عليه . " د. يوسف محمد قاسم : ضوابط الإعلام في الشريعة الإسلامية وأنظمة المملكة العربية السعودية (جامعة الرياض ، عمادة شؤون المكتبات ، 1399 ) ص 147.  
[6] ) د. سعيد صيني : قواعد أساسية في البحث العلمي , ط1 ( بيروت ، مؤسسة الرسالة ، 1415هـ ) ص 73ـ74 .
[7] ) د. محمد فريد عزت : بحوث في الإعلام الإسلامي، ط1 ( جدة، دار الشروق، 1403هـ ) ص 94ـ99
وانظر :
ـ د. عبد اللطيف حمزة : المدخل في فن التحرير الصحفي، ط4 ( القاهرة، دار الفكر العربي ) ص 192ـ195.
ـ  د. إسماعيل أحمد النـزاري : نشر الجريمة بين النقد والاستحسان، مجلة الأمن والحياة، العدد 182، رجب                                                                                    1418هـ، ص 44 .         
ـ د. عبد الرحمن العيسوي : الإعلام والعنف والمواجهة العلمية، مجلة الأمن والحياة، العدد 186، ذو القعدة 1418هـ، ص 46 .
[8] ) د. محمد فريد عزت : بحوث في الإعلام الإسلامي، مرجع سابق، ص 94ـ99 .
وانظر :
ـ د. عبد اللطيف حمزة : مرجع سابق، ص 192ـ195 .
ـ د. إسماعيل أحمد النـزاري، مرجع سابق، ص 44 .
ـ د. عبد الرحمن العيسوي، مرجع سابق، ص 46 .

[9] ) د. يوسف محمد قاسم : مرجع سابق ، ص 150 ، 162 . فتحي كامل خفاجي : نشر الجريمة والعنف في وسائل الإعلام وموقف الإسلام منه ، بحث مكمل للماجستير غير منشور ، قسم الإعلام ،المعهد العالي للدعوة الإسلامية ، المدينة المنورة ، 1403هـ ، ص 116 .
[10] ) انظر بعضاً من هذه النصائح في : ليونارد راي تيل، رون تيلور، مدخل إلى الصحافة .. جولة في قاعة التحرير، ترجمة حمدي عباس، ط1 ( القاهرة، الدار الدولية للنشر والتوزيع، 1990م ) ص 170ـ171 .
[11] ) من حديث صاحب السمو الملكي وزير الداخلية  أثناء زيارته لمنطقة القصيم ، جريدة ( الوطن ) 8/3/1423هـ .
[12] ) من إجابات سموه عن الأسئلة التي وجهت له أثناء لقائه بمنسوبي جامعة أم القرى بمكة بتاريخ 3/1/1423، جريدة (الوطن ) 4/1/1423هـ .
[13] ) أبو زكريا يحيى بن شرف النووي : الأذكار، ط2 ( المدينة المنورة، دار التراث، 1410هـ ) ص 517 .      
[14] ) جريدة ( الشرق الأوسط )، 3/6/1422هـ .
[15] ) جريدة ( الوطن )، 4/11/1421هـ .
[16] ) جريدة ( الوطن ) 10/9/1421هـ .
[17] ) د. غازي عوض الله، ضمن تحقيق عن الجريمة في الصحافة السعودية، مجلة ( المجلة )، مصدر سابق، ص32 .
[18] ) جريدة ( المدينة ) 20/11/1422هـ .
[19] ) جريدة ( المدينة ) 2/5/1423هـ .
[20] ) جريدة ( الاقتصادية ) 24/5/1421هـ .
[21] ) جريدة ( إيلاف ) الإلكترونية، 23/5/1422هـ .
[22] ) جريدة ( عكاظ )  19/4/1422هـ .
[23] ) جريدة ( عكاظ )  19/4/1422هـ .
[24] ) جون هو هنبرج : الصحفي المحترف، ترجمة كمال عبد الرؤوف، ط1 ( القاهرة، الدار الدولية للنشر والتوزيع، 1990م ) ص 401 .
[25] ) جريدة ( الاقتصادية ) 5/8/1421هـ .
[26] ) جريدة ( الوطن ) 11/1/ 1423هـ .
[27] ) جريدة ( المدينة ) 14/5/1422هـ .
[28] ) جريدة ( الرياضية ) 14/5/1422هـ .
[29] ) جريدة ( الاقتصادية ) 8/8/1421هـ .
[30] ) جريدة ( الاقتصادية ) 8/8/1421هـ . 
[31] ) د. عبد الرحمن الشبيلي : إعلام وأعلام، ط1، الرياض، ص 290 .
[32] ) د. عبد العزيز الغنام : مدخل في علم الصحافة، ط2 ( القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1977م ) ج1، ص180  .
[33] ) وردت قصة هذه الجريمة في الآيات 27ـ31 من سورة المائدة .
[34] ) تردد الباحث كثيراً في إيراد الأمثلة مما نشر في الصحف على بعض القضايا والأمور والأخطاء التي تحدث عنها في بحثه، انطلاقاً من كونه لا يريد الوقوع في الأخطاء التي يدعو غيره لعدم الوقوع فيها، وقرر في نهاية الأمر إيراد هذه الأمثلة اعتماداً على كون هذا البحث سينشر في مجلة علمية متخصصة تقرؤها فئة خاصة وطبقة معينة من المجتمع، وليس في مجلة عامة يطلع عليها عامة الجمهور، ولأهمية هذه الأمثلة  في التأكيد على ما يريد الباحث الوصول إليه، ولكي يتضح للقارئ حجم التجاوز الخطير الذي تقع فيه بعض الصحف، ومقدار الضرر الكبير الناتج عن نشرها لبعض المعلومات والتفاصيل .
[35]) جريدة ( الاقتصادية ) 14/8/1421هـ .
[36] ) جريدة ( البلاد ) 7/4/1421هـ .
[37] ) جريدة ( النخبة ) 29/12/1421هـ .
[38]) جريدة ( اتجاهات ) الإلكترونية، 18/6/1422هـ .
[39] ) جريدة (اتجاهات ) 18/6/1422هـ . 
[40] ) جريدة ( الوطن ) 20/3/1423هـ . وقد سبق لإحدى الصحف أن نشرت قبل أشهر من هذا التاريخ خبراً عن جريمة مشابهة استخدم فيها المحتال نفس الطريقة المذكورة في هذا الخبر ، ولا يستبعد الباحث أن يكون مرتكب الجريمة الأخيرة قد قرأ الخبر المنشور عن الجريمة السابقة واستفاد من الطريقة المستخدمة في تنفيذها .
[41] ) جريدة ( الشرق الأوسط ) 10/12/1422هـ .
[42] ) جريدة ( الاقتصادية ) 5/11/1422هـ .
[43] ) جريدة ( الشرق الأوسط) 3/6/1422هـ .
[44] ) د. عبد اللطيف حمزة، مرجع سابق، ص 197ـ198 .
[45] ) د. محمد فريد عزت : مرجع سابق ، ص 114 .
[46] ) المرجع السابق، ص 194 .
[47] ) جون هو هنبرج، مرجع سابق، ص 498 .
[48] ) جريدة ( الشرق الأوسط ) 14/5/1421هـ .
[49]) جريدة ( النخبة ) 29/12/1421هـ  .
[50] ) جريدة الشرق الأوسط، 22/12/1422 .
[51] د. محمد فريد عزت : مرجع سابق ، ص 110 .
[52]) جريدة ( الوطن ) 12/10/1421هـ .
[53] ) جريدة ( اليوم ) 1/5/1422هـ .
[54] ) جريدة ( المدينة ) 22/3/1422هـ .
[55] ) جريدة ( الاقتصادية ) 5/8/1421هـ .
[56] ) جريدة ( الوطن ) 8/1/1423هـ . وقد عرضت القناة الأولى في التلفزيون السعودي في شهر رمضان من عام 1422هـ مشهداً في إحدى حلقات مسلسل ( طاش ) وكان مضمون هذا المشهد عبارة عن شخص ثقيل الوزن يحاول الانتحار ، وكان يقف على سرير في غرفة نومه وقد ربط رقبته بحبل يتدلى من مروحة في سقف الغرفة ثم يرمي نفسه من فوق السرير لتنفيذ عملية الانتحار ، ولكن وزنه الثقيل أفسد عملية الانتحار حيث سحب المروحة معه ونزعها من السقف أثناء قفزه من فوق السرير ، لقد كان مشهداً مضحكاً ظاهره التسلية والترفيه ، ولم يدر في ذهن منتجي هذا المسلسل الآثار التي يمكن أن تترتب على إضحاك المشاهدين بهذه الطريقة . لقد ضحك من هذا المشهد كثير من المشاهدين ، ولكن يبدو _ على ضوء هذا الخبر_ أن الذين تأثروا به وتعلموا منه كثيرون أيضاً .
[57] ) جريدة ( الوطن ) 14/4/1422هـ .
[58] ) د. عبد العزيز الغنام، مرجع سابق، ص 180ـ181.
[59] ) جون هو هنبرج، مرجع سابق، ص 455 .
[60] ) جريدة ( الوطن ) 10/1/1423هـ .
[61] ) جريدة ( الجزيرة ) 21/5/1421هـ