" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

* بل هو نبيّ أميّ .. لئلا يرتاب المبطلون

اطلعت على مقال في أحد المواقع على شبكة الإنترنت ينفي فيه كاتبه صفة الأمية عن النبي r ، ويرى أنها صفة نقص لا ينبغي نسبتها إلى النبي r ، وشنّع على الذين يقولون عن النبي r أنه أميّ، ويقول أن لفظ ( النبيّ الأميّ ) الذي ورد في موضعين من سورة الأعراف }الذين يتبعون الرسول النبيّ الأميّ{ }فآمنوا بالله ورسوله النبيّ الأميّ{ لا يعني الذي لا يجيد القراءة والكتابة، وإنما هو نسبة إلى أم القرى (مكة) فيكون معناها على هذا التفسير (النبي المكي) وهو تفسير غريب يخالف إجماع المفسرين.
    وقد غاب عن هذا الكاتب أن نفي القراءة والكتابة عن النبي r ليس مقصوراً على هاتين الآتين، وإنما هناك دليل آخر من القرآن الكريم أوضح دلالة وأقوى حجة وذلك في قوله تعالى في سورة العنكبوت آية 48 } وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون {  فالجزء الأول من الآية ينفي عنه صفة القراءة (وما كنت تتلو من قبله من كتاب) والجزء الثاني ينفي عنه صفة الكتابة (ولا تخطه بيمينك) والجزء الأخير يبين السبب والغاية من جعل النبي r نبياً أمياً لا يجيد القراءة والكتابة (إذاً لارتاب المبطلون) أي لو كان يجيد القراءة والكتابة لوقعت الريبة والشك في نفوس أهل الباطل، ولاتهموه بأنه كتب هذا القرآن، وجاء به من عنده، أو نقله عن كتب الأمم السابقة وليس وحياً من عند الله، وهي تهمة لم يسلم منها النبي r حتى مع اعتراف قومه بأميته وإقرارهم وتسليمهم بذلك  }وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً{  فكيف سيكون الأمر وكيف سيكون موقفهم لو كان يجيد القراءة والكتابة
      وقد اشتمت سيرته r على مجموعة من الأدلة والشواهد التي تؤكد على أميته r وعدم معرفته بالقراءة والكتابة، منها استعانته r بمجموعة من الصحابة رضوان الله عليهم لكتابة الوحي، وكتابة رسائله إلى الملوك والعظماء، وكتابة معاهداته ومواثيقه مع الأفراد والقبائل.
        وعلى هذا فلا تكون أمية النبي r عيباً نخجل من إضافته إليه، أو نقصاً ينبغي نفيه عنه، بل هو دليل واضح، وحجة بالغة على معجزة القرآن الكريم، وأنه منزل من الله عزّ وجل، وليس للبشر دخل فيه، ولا قدرة على الإتيان ولو بسورة منه، ولا حتى للنبيّ الأميّ r الذي ينحصر دوره في التبليغ }ما على الرسول إلا البلاغ{