" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

* ولنا في أنبياء الله قدوة

عندما حثّ النبي صلى الله عليه وسلم أمته على طلب الرزق، وبيّن لهم أن أفضل الكسب ما كان من عمل اليد، ضرب لهم مثلاً بنبي الله داود عليه السلام ليكون لهم قدوة حسنة يقتدون بها؛ روى البخاري عن المقدام بن معد يكرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أكل أحد طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده" فداود عليه السلام مع كونه نبياً كريماً، وملكاً عظيماً إلا أنه كان يعمل في صناعة الدروع وبيعها، ولا يأكل إلا من ثمنها. قال تعالى:{ وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون} الأنبياء 80
       ومعظم الأنبياء عليهم السلام كانت لهم مهن يعملون فيها، ويأكلون من كسبها؛ فزكريا عليه السلام كان نجاراً؛ روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان زكريا نجاراً" . وما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم؛ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم لأهل مكة قبل بعثته مقابل قراريط يأخذها أجرة على عمله؛ روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم ، كنت أرعى على قراريط لأهل مكة" .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على العمل لكسب الرزق، ويرشدهم إلى أهمية ذلك، ويبين لهم أن صاحب المهنة عزيز بنفسه مستغن عن الآخرين؛ روى البخاري عن الزبير بن العوام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكفّ الله بها وجهه خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" .