" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

* النفاذ والنفاد

هناك فعلان في اللغة العربية مكونان من ثلاثة أحرف؛ يتفقان في الحرفين الأولين ويختلفان في الحرف الأخير، وهذان الفعلان هما (نَفِدَ) بالدال, و(نَفَذَ) بالذال، وهناك خلط كبير بين هذين الفعلين يقع فيه كثير من حفظة القرآن الكريم، وأئمة المساجد، والكتاب، والمذيعين، فينطقون ويكتبون كلا الفعلين ومشتقاتهما بالذال. مع أن هناك فرقاً كبيراً بين الفعلين ومعناهما واستخداماتهما؛ فالفعل (نفد) بمعنى: فَنِيَ وانتهى؛ تقول: نفد المال، أو نفد الوقت أي: انتهى. والفعل (نفذ) بمعنى: اخترق؛ تقول: نفذ السهم من الجسم، أي اخترقه حتى خرج من الشق الآخر، و نفذ الأمر أو القول، أي مضى وجرى، ونفذ بجلده، أي خَلُص ونجا.  
    وقد ورد الفعلان نفد و نفذ ومشتقاتهما في القرآن الكريم في مجموعة من الآيات؛ فالفعل (نفد) ومشتقاته هو الأكثر وروداً في القرآن الكريم؛ فقد ورد في خمسة مواضع: منها موضعان في آية واحدة في قوله تعالى:{قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} (الكهف 109) وفي قوله تعالى: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} (لقمان 27) وكذلك في قوله تعالى: {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} (النحل 96) وفي قوله تعالى: {إن هذا لرزقنا ماله من نفاد} (ص 54)
أما مشتقات الفعل (نفذ) فقد وردت في ثلاثة مواضع فقط، وجميعها في آية واحدة {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} (الرحمن 33)