" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

* مزايا الصحافة الإلكترونية وعيوبها

 أولا : مزايا الصحافة الإلكترونية

ـ تكتفي كثير من الصحف المطبوعة بالوصول إلى القراء الموجودين في الدولة التي تصدر فيها، وقد ينحصر توزيعها ـ إذا كانت صحيفة محلية ـ على المدينة التي يوجد مقرها فيها ، وهناك بعض الصحف التي تحرص على تجاوز حدود الدولة التي تصدر فيها لتصل إلى جمهور القراء الموجودين في دول أخرى، وتواجه مثل هذه الصحف كثيراً من الصعوبات منها ما يتعلق بالشحن الجوي وظروف الطيران ومواعيد الرحلات الجوية مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى وصولها متأخرة ، مما حدا ببعض الصحف التي تملك إمكانات فنية ومالية كبيرة إلى إقامة مراكز طباعة خاصة بها في الدول التي تريد الوصول إليها ، أو إبرام اتفاقات مع مؤسسات صحفية أو مطابع كبيرة ، حيث يتم إصدار طبعة خاصة بهذه الدولة باستخدام تقنيات الأقمار الصناعية والإنترنت في استقبال صفحات الجريدة من مقرها الرئيس ، وهناك صعوبات أخرى تعاني منها الصحف المطبوعة تتمثل في ضروروة مراعاتها للنواحي السياسية والإجراءات الرقابية والأمنية      
المتبعة في الدول التي تريد الوصول إليها، وكثيرا ما تقوم الدول بمنع دخول أعداد كاملة من بعض الجرائد والمجلات إذا رأى الرقيب أن فيها ما يتعرض لسياسة هذه الدولة أو يمس أمنها، وقد يتم مطالبة وكيل التوزيع بطمس بعض الموضوعات، أو نزع بعض الصفحات ليتم السماح بدخول هذا العدد من الجريدة أو المجلة ، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى تعرض مكاتب بعض الصحف في بعض الدول للإغلاق، أو تعرض مراسليها للمضايقة أو التحقيق أو السجن أو المطالبة بمغادرة الدولة . أما بالنسبة للصحافة الإلكترونية فإنها تتمتع بميزة كبيرة تتمثل في قدرتها على تجاوز كل الحدود الجغرافية والسياسية الموجودة بين الدول، وقدرتها على تجاوز الإجراءات والرقابية والملاحقات الأمنية عن طريق تغيير مواقعها وعناوينها بصفة مستمرة، كما يستطيع المتصفحون في هذه الدول التغلب على إجراءات الحجب باستخدام البروكسيات، وطرق أخرى بديلة للوصول إلى مواقع الصحف التي يريدون الاطلاع عليها.
ـ إمكانية طباعة الموضوعات المنشورة في الصحف الإلكترونية، أو حفظها في ذاكرة الجهاز، أو في قرص خارجي .
ـ إمكانية إرسال الموضوعات إلى أشخاص آخرين عن طريق البريد الإلكتروني .
ـ توفر كثير من الصحف الإلكترونية خدمات أخرى كالدردشة، والبريد الإلكتروني،وأسعار الأسهم والعملات، وأحوال الطقس ونتائج المباريات  وروابط لمواقع أخرى .
ـ وضع روابط لصفحات أخرى في أعداد سابقة لها صلة بالموضوع المنشور، أو وضع روابط لمواقع أخرى فيها تفاصيل أكثر عن الموضوع .
ـ إمكانية قيام الكاتب أو المحرر بإدخال موضوعه وصف كلماته من مكان وجوده مباشرة، وإرساله إلى الموقع أو إلى المحرر المسؤول في مقر الصحيفة ليقوم بالتعامل مع الموضوع بإعادة الصياغة أو التعديل أو الحذف أو الإضافة ثم إخراجه وعرضه في موقع الصحيفة على الشبكة .
ـ تتيح للقارئ الاطلاع على كل ما هو معروض على الشبكة من الصحف الصادرة في كل دول العالم بجميع اللغات، بخلاف الصحف المطبوعة التي لا يصل كثير منها إلى بلد القارئ ، أو تصل متأخرة ، أو لا يعرف بصدورها إلا بعد فترة طويلة .
ـ إمكانية إضافة أخبار أو موضوعات جديدة على مدار ساعات اليوم ، وفور وقوع الحدث دون انتظار لمواعيد الصدور والطباعة أو تأثر برحلات الطيران أو شركات التوزيع.
ـ استخدام الصور الملونة بكل سهولة دون الحاجة إلى أجهزة متطورة ومعدات حديثة للتعامل مع الصور وفرز ألوانها كما هو الحال في الصحافة المطبوعة .
ـ سهولة إصدار صحيفة إلكترونية دون الحاجة إلى ترخيص أو موافقة من جهات حكومية معينة ودون الحاجة إلى تقديم ضمانات بنكية أو تعهدات خطية بالتزام سياسات محددة .
ـ سهولة إصدار صحيفة إلكترونية دون الحاجة إلى وجود مبانٍ أو تجهيزات أو مطابع أو عدد كبير من الموظفين الإداريين والمحررين ، ودون الحاجة إلى ميزانيات ضخمة كما هو الحال في الصحافة المطبوعة ؛ ودون تأثر بالمشكلات المتعلقة بارتفاع أسعاره أو انخفاض وارداته أو إيقاف تصديره من تادول المنتجة بسبب الكوارث أو الحروب ، ولذلك فإن بإمكان أي فرد عادي بإمكانات محدودة وبجهاز حاسب واحد أن يصدر صحيفة إلكترونية ويبثها على الشبكة من منزله .

ـ إبقاء بعض الموضوعات  المميزة أو التحقيقات المثيرة ، أو التي تمس قضايا تستحوذ على اهتمامات قطاع كبير من الجمهور لفترة طويلة قبل إرسالها إلى الإرشيف .
ـ بإمكان القارئ العودة إلى الأعداد السابقة وأرشيف الصحيفة بيسر وسهولة ، والحصول على ما يريد في وقت وجيز ، بخلاف الأمر بالنسبة للصحف المطبوعة فلا بد للقارئ من الاستعانة ببعض الجهات الحكومية التي تحتفظ بالصحف القديمة كالمكتبات العامة من أجل الحصول على مراده ، وقد يضطر إلى الذهاب إلى المقر الرئيس للجريدة في المدينة التي تصدر منها من أجل الحصول على أعداد سابقة ، وقد يضطر أيضاً لدفع مبالغ كبيرة من أجل الحصول على أعداد صدرت في سنوات سابقة .
ـ في حالة كون القارئ يبحث عن موضوع معين ، ويريد التعرف على ما كتبته صحيفة معينة حول هذا الموضوع ، فإن بإمكانه ـ في حالة توفير هذه الصحيفة لخاصية البحث في الموقع ـ الوصول إلى ما يريد بسرعة ـ سواء في العدد الحالي أو الأعداد السابقة ـ عن طريق إدراج بعض الكلمات ذات الصلة بالموضوع في خانة البحث ، كما أن بإمكان القارئ الوصول إلى ما كُتب في كل الصحف الإلكترونية عن هذا الموضوع باستخدام محركات البحث التي تقوم باستعراض كل المواقع بما فيها مواقع الصحف والأخبار، وتعرض له خلال ثوان محدودة نتيجة البحث في صفحات متتابعة .
ـ يجد المعلنون في الصحف المطبوعة صعوبة كبيرة في الحصول على أرقام حقيقية للتوزيع الفعلي لهذه الصحف، حيث تلجأ كثير من الصحف ـ من أجل جذب المعلنين ـ إلى تقديم أرقام مبالغ فيها عن حجم توزيعها ، ومع أن كثيراً من هذه الصحف مشتركة في مؤسسات التحقق من الانتشار، إلا أن هذه المؤسسات تبني إحصاءاتها وتقاريرها على عدد ما يطبع من الصحيفة، وليس على ما يتم توزيعه فعلاً من الأعداد التي تمت طباعتها، واستناداً إلى هذه الثغرة فإن الصحف تعمد إلى زيادة كمية ما يطبع من أعداد الصحيفة بشكل يفوق ما يتم تصريفه فعلاً في السوق، ولا مانع لدى المسؤولين في هذه الصحف من ارتفاع كمية الرجيع طالما أن هذا الإجراء يؤدي إلى إقبال المعلنين وزيادة كمية الإعلانات المنشورة في صحفهم .  
أما بالنسبة للمواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية فإنه نظراً لوجود مجموعة من البرامج التي تستخدمها المواقع الموجودة على الشبكة ـ بما فيها مواقع الأخبار والصحف ـ في حصر أعداد الزائرين للموقع ، وتقديم إحصاءات دقيقة عن العدد الحقيقي والفعلي لزوار الموقع ، بالإضافة إلى كونها معلومات غير سرية ،  والاطلاع عليها متاح للجميع ، ومعروضة على شاشة الموقع ، مما يوفر معلومات ممتازة وموثوق بها للمعلنين عن أكثر المواقع شعبية بين الجمهور، وأكثرها ارتياداً من قبل المتصفحين ، ليتمكن المعلن من اتخاذ القرار الصحيح  في اختيار الموقع الذي سيبث فيه إعلاناته. ولكن ينبغي الإشارة هنا إلى أن بعض المواقع تسيئ استخدام هذه البرامج ، وتلجأ إلى طرق ملتوية ، وأساليب غير شريفة؛ حيث تقوم بتكليف مجموعة من العاملين فيها بالقيام بعمليات دخول إلى الموقع وخروج منه بشكل متكرر وعلى مدار ساعات اليوم ، مما يترتب عليه زيادة أعداد المتصفحين للموقع بشكل كبير ، ويؤدي إلى تسجيل أرقام غير حقيقية ، وإظهار إحصاءات غير دقيقة تعطي انطباعاً غير صحيح عن الموقع وشهرته وحجم مستخدميه وأعداد زائريه .
ـ يضطر المعلن في الصحافة المطبوعة إلى دفع مبالغ كبيرة خاصة إذا أراد نشر إعلانه في الصفحات الأولى أو الأخيرة ، أو إذا أراد نشر إعلانه بالألوان، أو إذا أراد حجز صفحة كاملة أو صفحتين، أما بالنسبة للإعلان في المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية فإن أسعار الإعلانات تقل بكثير عن أسعارها في الصحف المطبوعة، وليس هناك داعٍ إلى حجز حيز كبير في واجهة الموقع أو صفحاته الداخلية، وأنما يتم الاكتفاء بحيز صغير يتضمن إشارات سريعة إلى المادة أو السلعة المعلن عنها ، وعندما يقوم المتصفح بالضغط على أيقونة الإعلان يتم أخذه إلى الصفحات التي تتضمن تفاصيل أكثر ومعلومات أوفر حول الإعلان ومضمونه .
ـ يواجه محررو الصحف المطبوعة مشكلة كبيرة في التعرف على طبيعة قرائهم ، واهتماماتهم وميولهم ، ونوعية الموضوعات التي يفضلونها، ومضمون المقالات التي يحرصون على متابعتها، ومن هم الكتاب الذي يحضون بمتابعة أكبر، أما بالنسبة للصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية فإن البرامج التي تمت الإشارة إليها في الفقرة السابقة تقدم خدمات مهمة للعاملين في هذه المواقع حيث تتيح لهم إمكانية التعرف على أكثر صفحات الموقع زيارة من قبل المتصفحين ، وعلى الموضوعات التي حظيت بأكبر عدد من القراء ، وعلى أكثر الكتّاب شعبية لدى زائري الموقع ، بالإضافة إلى إحصاءات أخرى تتعلق بالدول التي دخل منها المتصفحون إلى الموقع ، وعدد المتصفحين من كل دولة ، وأوقات دخولهم إلى الموقع ، وأكثر هذه الأوقات كثافة وإقبالاً ، وغير ذلك من الخدمات التي تقدم خدمة كبيرة وجليلة للقائمين على هذه المواقع مما يساعدهم في عملية وضع سياساتهم في النشر والتحرير ، وتحديد توجهاتهم ، ومعرفة جوانب البروز والقصور الموجودة لديهم ، ومحاولة تقديم مادة جيدة ترضي قراءهم ، وتحقق لهم رغباتهم .
 ـ إمكانية استخدام أكثر من لغة في موقع إخباري واحد، وسهولة قيام المتصفح بالتنقل بين هذه اللغات .
ـ تتيح كثير من مواقع الصحف الإلكترونية للقارئ إمكانية التعليق وإبداء رأيه على ما ينشر فيها من مقالات، حيث يقوم القارئ بتحرير ردّه وإبداء ملاحظاته على موضوع المقال ثم يقوم بإرساله بالبريد الإلكتروني على العنوان الذي حددته الموقع ليظهر بعد ذلك بشكل فوري ومباشر في الحيز المحدد لعرض آراء القراء ، والموجود في أسفل المقال ، وهذا مفيد بشكل كبير للصحيفة في التعرف على آراء القراء ووجهات نظرهم فيما ينشر في الموقع ، كما أنه مفيد لكاتب المقال في التعرف على أصداء مقاله وردود فعل القراء ، وحجم التأييد أو الاعتراض على الأفكار التي طرحها والاقتراحات التي عرضها، وقد يجد فيها مادة جيدة أو فكرة مناسبة لمقال جديد .
ـ تقدم بعض الصحف المطبوعة في موقعها على شبكة الإنترنت خدمة إضافية تتمثل في عرض كامل الصفحات المطبوعة بنظام  pdf ، وهو نظام يتيح للمتصفح الاطلاع على الصحيفة وتصفحها والانتقال بين صفحاتها كما لو كان يقلب في النسخة الورقية منها ، وتقوم فكرة هذا النظام على تصوير كل صفحة من صفحات النسخة الورقية بشكل مستقل، وبكامل محتوياتها وألوانها وما فيها من صور فوتوغرافية وبنفس ترقيمها ، ثم توفيرها بعد ذلك على الموقع ، ليقوم القارئ بعد ذلك ، وباستخدام برنامج معين يعرف باسم       بالدخول إلى هذه الصفحات واستعراضها عن طريق الضغط على رقم الصفحة التي يريد فتحها، ليتم بعد ذلك تحميل هذه الصفحة وعرضها ضمن شاشة هذا البرنامج ، وتحتوي هذه الشاشة على مجموعة من الخيارات والأدوات لمساعدة القارئ في التنقل بين أجزاء الصفحة العلوية والسلفية، وجانبها الأيمن والأيسر ، مع إمكانية تكبير أجزاء من هذه الصفحة ليتمكن القارئ من قراءتها بكل وضوح وبالشكل الذي يريح بصره، ووفق حجم التكبير الذي حدده، ولاستخدام نظام pdf  مجموعة من المزايا بالنسبة للقراء منها : أن هذا النظام يتيح للقارئ إمكانية نقل جميع صفحات الصحيفة وتحميلها على جهازه خلال مدة قصيرة لأن هذه الصفحات تكون مصغرة ومضغوطة، ثم يقوم القارئ بعد ذلك وفي الوقت الذي يناسبه، ودون الحاجة إلى الاتصال بالشبكة بالاطلاع على الصحيفة بكامل صفحاتها بعد أن يقوم بتكبيرها وعرضها باستخدام البرنامج الذي سبقت الإشارة إليه ، ومنها أيضاً : أن كثيراً من القراء له صحف معينة تعوّد على شرائها ، ويحرص على الاطلاع عليها بشكل منتظم ، وتعوّد على شكلها ، وطريقة إخراج صفحاتها ، ومع مرور الزمن أصبحت هناك ألفة ومودة بينه بينها ، ولا يرتاح لقراءتها في نسختها الإلكترونية ، ولا يشعر بالألفة والراحة وهو يتنقل بين صفحاتها وموضوعاتها ، ولا تناسبه طريقة تحميل كل موضوع وانتظار عرضه على الشاشة ، ثم الرجوع مرة أخرى إلى الصفحة السابقة أو إلى شاشة البداية لتحميل موضوع جديد ، ولذلك فإن هذا النظام يناسب هذه الفئة من القراء ، ويتيح لهم إمكانية استمرار قراءتهم لصحيفتهم المحببة بالشكل الذي ألفوه ، وبالطريقة والصيغة التي تعودوا عليها .
ـ من الصعوبات التي تواجهها الصحف المطبوعة هي قضية الحيز المتاح للنشر ، فمن المعلوم أن لكل صحيفة عدد محدد من الصفحات تصدر فيه بشكل منتظم ، وقد يزيد عدد هذه الصفحات بعض الأعداد لظروف إعلانية أو تحريرية معينة ، ولكنها تعود بعد ذلك إلى عدد الصفحات الذي درجت على الصدور فيه ، وكما أن هناك تحديداً لعدد الصفحات الكلي في كل صحيفة ، فإن هناك توزيعاً معيناً وتقسيماً محدداً لهذه الصفحات بين الموضوعات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية وغيرها تحرص الصحيفة على الالتزام به وعدم اقتطاع شيء من الصفحات المخصصة لموضوع معين لصالح موضوع آخر إلا في حالات نادرة ، وظروف طارئة، وإذا أخذنا في الاعتبار الكم الهائل من الأخبار والموضوعات والتحليلات والمقالات والمواد التحريرية المختلفة التي تنهال على مقر الجريدة وعلى مدار ساعات اليوم من وكالات الأنباء والمندوبين والمراسلين والكتاب المتعاونين ، فإننا سندرك حجم الجهد الكبير الذي يجب على العاملين في الصحيفة بذله من أجل انتقاء المواد والموضوعات التي سيتم نشرها في الحيز المحدد والصفحات المعدودة ، وأنهم يضطرون في كثير من الأحيان إلى استبعاد كثير من الموضوعات أو حذف أجزاء كبيرة منها ، أو تأجيل نشرها إلى أعداد قادمة بسبب ضيق المساحة المتاحة وقلة عدد الصفحات ، أما بالنسبة للصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية في شبكة الإنترنت فإن قضية المساحة المتوفرة والحيز المتاح لا تمثل أي مشكلة بالنسبة لها ، ولا تقف عائقاً أمام نشر موضوع معين ، فالمساحة المتاحة لا حدود لها، وليس هناك أي عوائق تحول دون الاستفادة منها، أو تفرض على المحررين اتخاذ إجراءت معينة تؤدي إلى استبعاد موضوع معين أو اختصاره أو حذف أجزاء منه أو تأجيل نشره ، ولا يشكل موضوع الحيز المتاح للنشر أي هاجس أو قلق يشغل بال المحررين أو يستولي على تفكيرهم ، بل إن موضوع المساحة الهائلة المتوفرة للصحف الإلكترونية مكّنها من تقديم خدمة كبيرة لقرائها تمثل في توفير أرشيف كامل لكل أعداد الصحيفة السابقة منذ ظهورها على شبكة الإنترنت والتي يصل عددها في كثير من الصحف إلى آلاف الأعداد التي صدرت على مدار سنوات طويلة .
ـ تحتاج عملية إخراج الصفحات في الصحف المطبوعة وتنسيقها وتوزيع المواد في ثناياها إلى كثير من الفن والمهارة والخبرة التي يكتسبها العاملون في هذا المجال بالدراسة أو الخبرة أو الاثنين معاً ، وتستغرق هذه العملية الكثير من الوقت والجهد ، وتتطلب في كثير من الأحيان إعادة صياغة بعض الأخبار أو الموضوعات أو حذف مقاطع منها ، وتكبير بعض الصور أو تصغيرها حسب الحيز المتاح ، وكذلك تكبير أو تصغير البنط المستخدم في الكتابة ، ويلجأ المخرج الصحفي في حالة زيادة عدد ومساحة المواد المطلوب منه توزيعها على الصفحة، أو انخفاضها وعدم تغطيتها لمساحة الصفحة إلى مجموعة من الخيارات والحلول والبدائل الممكنة للتغلب على هذه العقبات ، مما يستغرق منها وقتاً إضافياً ، وقد يضطره في كثير من الأحيان إلى استشارة المحررين ومناقشة الحلول الممكنة معهم ، وقد تحصل في بعض الأحيان حوادث كبيرة وأحداث خطيرة بعد أن يكون المخرج قد انتهى من عملية الإخراج ، ويرى المسؤولون في الصحيفة أنه لا يمكن تجاهل هذه الأحداث ، ولا يمكن صدور العدد دون الإشارة إليها ، وعند ذلك يجد المخرج نفسه مضطراً إلى إعادة إخراج بعض الصفحات، واستبعاد بعض الموضوعات لإفساح المجال أمام الأخبار الطارئة ، وعلى الرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت بداية استخدام الحاسب الآلي في عملية الإخراج الصحفي ، وظهور بعض البرامج التي تساعد المخرج في عمله بما تحتوي عليه من إمكانات وما تقدمه من خدمات ، وما توفره من وقت وجهد ، إلا أنها تحتاج أيضاً إلى إتقان وتمرس وإجادة وخبرة جيدة في التعامل مع مثل هذه النوعية من البرامج وقدرة على الاستفادة من إمكاناتها الكبيرة وتوظيفها في خدمة الصحيفة
أما بالنسبة للمواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية فالتعامل مع الأخبار والموضوعات والمواد الصحفية أمر سهل، وليس هناك حاجة إلى أشخاص متمرسين في الإخراج الصحفي ، وليس هناك صفحات محددة بمساحات وأحجام ثابتة يتم توزيع المواد عليها ـ كما هو الحال في الصحافة المطبوعة ـ فالموضوعات تظهر بشكل متتابع، وكل موضوع يأخذ المساحة التي يحتاجها دون تأثير على الموضوعات الأخرى ، سواء ظهرت كامل الموضوعات بهذا الشكل المتتابع ، أو تم الاكتفاء بعرض عنوان الموضوع أو الأسطر الأولى منه في الصفحة الرئيسة ، ليتم نقل المتصفح ـ في حالة رغبته الاطلاع على كامل الموضوع ـ إلى صفحة أخرى أو نافذة جديدة ، وقد يتم استخدام بعض العناصر الجمالية في تصميم شاشة البداية والصفحة الرئيسة للموقع ، والتفنن في عرض مضمون هذه الصفحة، وتوزيع أجزاء وأركان هذه الصفحة بين الموضوعات باستخدام الألوان والصور وعناصر الجذب المختلفة ، إلا أن هذا التصميم وهذا الشكل للصفحة الرئيسة يبقى ثابتاً لفترات طويلة، ولا يتغير بشكل يومي كما هو الحال في الصحف اليومية المطبوعة .
ـ شكّل ظهور القنوات الفضائية تحدياً كبيراً ومنافساً خطيراً للصحافة المطبوعة، وبصفة خاصة فيما يتعلق بسرعة نقل الأخبار؛ ففي الوقت الذي تستطيع هذه القنوات نقل الخبر بالصوت والصورة في لحظة وقوعه، فإن الصحف لا تستطيع نقل الخبر إلا في اليوم التالي لوقوعه، وفي حالة وقوع حدث ما  في وقت متأخر من الليل فإن الطبعة الأولى من الصحف ستخلو من أي إشارة إلى هذا الحدث الطارئ، وإذا لم تكن هناك طبعات أخرى للصحيفة فهذا يعني أن الخبر لن يظهر إلا في عدد اليوم الثاني، مما يعني مرور وقت طويل جداً قبل أن تتمكن الصحيفة من نشر الخبر، وهذا التأخير في النشر يفقد الخبر كثيراً من قيمته، ويجعله خبراً قديماً وبائتاً ، ولا يجد القارئ فيه ما يشده بعد أن شاهد الحدث بتفاصيله، وتابع تطوراته أولاً بأول على القنوات الفضائية. إلا أن ظهور المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت، وكذلك الصحف الإلكترونية التي تجدد مضمونها بصفة مستمرة على مدار ساعات اليوم، ساهم في تضييق الفجوة الكبيرة مع القنوات الفضائية فيما يتعلق بسرعة نقل الخبر، حيث أصبح باستطاعة هذه المواقع نقل الخبر لحظة وقوعه، وتدعيمه بالصور الثابتة، وهو تطور كبير وقفزة هائلة، حتى وإن كانت هذه المواقع لم تستطع مجاراة القنوات الفضائية فيما يتعلق بالبث المباشر من موقع الحدث، والمدعوم بالصوت والصورة المتحركة .



ثانياً : عيوب الصحافة الإلكترونية

ـ يحتاج القارئ للوصول إلى المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية الموجودة على شبكة الإنترنت إلى وجود جهاز حاسب آلي، بالإضافة إلى إلمامه بطريقة استخدام هذا الجهاز، وكيفية التعامل مع البرامج الموجودة في ذاكرته، وبصفة خاصة ما يتصل منها بطريقة تصفح شبكة الإنترنت للوصول إلى المواقع التي يريد الاطلاع عليها ، ولا يزال هذا الأمر بعيد المنال لكثير من أفراد المجتمع ، وبالذات في الدول الفقيرة؛ حيث ينخفض مستوى الدخل، وترتفع تكاليف الحياة، وتواجه الشعوب معاناة كبيرة في تأمين لقمة العيش ، وتوفير ضروريات الحياة ، ويصبح التفكير في الحصول على الكماليات كجهاز الحاسب الآلي ترفاً لا يمكن التفكير فيه ، وحلماً يصعب تحقيقه، كما أن ارتياد الأماكن والنوادي والمقاهي التي توفر خدمات الإنترنت بمقابل مادي مقصور على شريحة صغيرة من المجتمع، كما أن هناك مشكلة كبيرة مازالت موجودة في كثير من الدول تتمثل في عدم توفر خدمات الكهرباء والهاتف لجزء كبير من مدنها وقراها، أو أنها خدمات غير منتظمة، وتنقطع لساعات طويلة، أو لعدة أيام مما يعني أن وجود جهاز حاسب آلي أمر لا معنى له ولا فائدة منه في مثل هذه الظروف، ولذلك فإن الصحافة المطبوعة في مثل هذه المجتمعات ستبقى سيدة الموقف، وستستأثر بشريحة المثقفين لسنوات طويلة، ولن تستطيع الصحافة الإلكترونية منافستها، أو سحب البساط من تحت أقدامها .
ـ تحرص كثير من الصحف المطبوعة على أن يكون لها موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت، إلا أنها لا تحرص في نفس الوقت على الاعتناء بهذا الموقع، وتجديد معلوماته بصفة منتظمة، فقد تدخل إلى موقع إحدى الجرائد أو المجلات؛ وتجد أن العدد المعروض في الموقع ليس العدد الأخير الذي يخص التاريخ الحالي، وإنما هو عدد سابق، وقد يتم تجديد الصفحة الأولى المعروضة في واجهة الموقع، بينما تبقى الصفحات الداخلية قديمة، ويتأخر تجديدها، وقد يكون هذا الأمر ناتجاً عن تقصير أو إهمال من العاملين في الموقع، وقد يكون ناتجاً عن مشكلات فنية أو تقنية ، ولكنه يكون ـ في بعض الأحيان ـ مقصوداً ومتعمداً من إدارة الجريدة أو المجلة لأهداف مادية بحتة؛ فهم يريدون أولاً أن ينزل العدد المطبوع إلى الأسواق، ويحقق مبيعات جيدة، ثم يقومون بعد ذلك بعرضه في الموقع الموجود على الشبكة، ولذلك فإن بعض الجرائد اليومية لا تقوم بعرض نسختها الإلكترونية إلا بعد مرور ساعات طويلة من اليوم ، أو لا تعرضها إلا في اليوم التالي، وبعض المجلات الأسبوعية أو الشهرية لا تعرض نسختها الإلكترونية لأحد أعدادها إلا بعد صدور العدد الجديد ؛ بمعنى أن القارئ لن يجد العدد الموجود في الأسواق على الشبكة، وإنما عليه أن ينتظر صدور العدد الجديد ليتمكن من تصفح العدد الذي سبقه على الموقع الإلكتروني .
ـ كثير من المواقع الإلكترونية للصحف المطبوعة لا تعرض كافة الأخبار والموضوعات المنشورة في العدد المطبوع، ولذلك فإن العدد المعروض في الموقع لا يتفق في مادته ومضمونه مع العدد المطبوع بنسبة 100% ، وإنما هناك اختلاف بينهما، حيث يكتفي العاملون في الموقع الإلكتروني بنشر مختارات وعينات مما هو منشور في صفحات العدد المطبوع، وتختلف نسبة المواد المختارة زيادة ونقصاً من صحيفة إلى أخرى، إلا أن هناك أمراً يكاد يكون متفقاً عليه في كثير من المواقع ، ويتعلق بالصور المرافقة للأخبار والموضوعات، حيث يتم استبعاد كثير منها، وتصغير حجم المتبقي منها، والسبب في هذا الإجراء لا يرجع إلى مشكلات تتعلق بالمساحة المتاحة ، فقد سبق أن ذكرنا ضمن مزايا الصحافة الإلكترونية أنها لا تعاني أي مشكلة من حيث المساحة المخصصة للنشر، وإنما يرجع السبب إلى أن تحميل الصور لعرضها على شاشة المتصفح يستغرق وقتاً أطول بكثير من تحميل النص المكتوب، ولذلك فإن كثرة الصور المصاحبة للموضوع ، أو زيادة حجمها ، يبطّأ سرعة التحميل ، ويستدعي من القارئ أن ينتظر وقتاً طويلاً قبل أن يكتمل ظهور الموضوع على شاشة جهازه، وهو أمر يؤدي إلى إضاعة وقت طويل على القارئ ويقود إلى الملل والضجر، وقد يتسبب في إحجامه عن متابعة الاطلاع على الموضوع، وعزوفه عن الاستمرار في تصفح الموقع .
ـ في أوقات الأزمات والحروب وعند وقوع أحداث كبيرة أو حوادث خطيرة يزداد الإقبال من الجمهور على المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية بحثاً عن آخر الأخبار، ورغبة في التعرف على التفاصيل والمستجدات أولاً بأول ، إلا أن الإمكانات الفنية، والتجهيزات المستخدمة في بعض هذه المواقع محدودة القدرات، وغير مهيأة لاستيعاب أعداد كبيرة من المتصفحين للموقع في وقت واحد، فتتعرض هذه الأجهزة لضغط شديد يؤدي إلى إحداث خلل في الموقع يتسبب في تعطيل عمله ، أو عدم تمكن المتصفحين من دخول الموقع ، وفي حالة تمكن المتصفح من الدخول فإنه يعاني من البطء الشديد في التنقل بين صفحات الموقع، وفي تحميلها إلى شاشة جهازه، أو توقف التحميل بشكل مفاجئ ،مما يؤدي إلى تذمر المتصفح وتوقفه عن المتابعة ، والخروج من الموقع بشكل نهائي ، والبحث عن موقع آخر تتوفر فيه إمكانات أكبر وتجهيزات أفضل .
ـ لا تحظى المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية بنفس الاهتمام الذي تحظى به الصحف المطبوعة فيما يتعلق بمراجعة موضوعاتها وصفحاتها من حيث الأخطاء الطباعية واللغوية والنحوية، ولذلك فأنت تجد فيها كثيراً من هذه الأخطاء ، ومن أسباب كثرة هذه الأخطاء الاستعجال في نشر الموضوعات وإظهارها على شاشة الموقع قبل مراجعتها وتدقيقها ، وبصفة خاصة في المواقع التي يتم تجديد مضمونها بصفة مستمرة وعلى مدار ساعات اليوم وحسب ما يجد من أخبار، وما يقع من أحداث .
ـ يستطيع القارئ اختيار الوضعية التي يتصفح فيها الصحف المطبوعة، ويستطيع تغيير هذه الوضعية إلى الوضعية التي يرتاح فيها لو شعر بالتعب أو عدم الراحة ،  إلى درجة أنه يستطيع الاسترخاء ومدّ جسمه ورجليه، أما بالنسبة لتصفح المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية فإن الوضع الغالب أن القارئ يتصفحها وهو جالس على كرسي في مقابل شاشة جهاز الحاسب ، وقد تطول هذه الجلسة بحسب فترات التصفح ، وليس للقارئ خيارات كثيرة في تغيير وضعية جلوسه، مما يؤدي إلى شعوره بآلام في الظهر، كما يؤدي طول الجلوس أمام الحاسب إلى شعور البعض بآلام واحمرار وتهيج في العينين نتيجة الضوء والأشعة المنعكسة من الشاشة ،كما يشتكي بعض المتصفحين من آلام في اليدين والأصابع ناتجة عن طول استخدام الفأرة ولوحة المفاتيح، وهناك من تستدعي وظيفته استخدام الحاسب الآلي بشكل أساسي ، وطوال فترة دوامه في عمله، مما يضعف الرغبة لديه ـ إذا عاد إلى منزله ـ في الاستمرار في الجلوس أمام شاشة الحاسب لتصفح المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية .
ـ قلة إقبال المعلنين على الإعلان فيها ، وضعف قناعتهم بجدواها في الوصول إلى المستهلكين، وتخوفهم من المغامرة بصرف أموالهم على الإعلان فيها، مع أنها أرخص بكثير من الإعلان في وسائل الإعلام الأخرى كالصحف المطبوعة والتلفاز ، وقد يكون لحداثة شبكة الإنترنت وجهل المعلنين ووكلائهم بإمكاناتها الضخمة وانتشارها الواسع دور في ذلك ، وقد يكون لعدم وجود إحصاءات دقيقة ، أو بحوث علمية معتبرة حول الإعلان في الشبكة وطبيعة متصفحيها، وموقفهم من الإعلانات وعاداتهم وأساليب تعاملهم مع هذه الإعلانات دور في ذلك الإحجام