" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

شبكات التواصل الاجتماعي .. الآثار الإيجابية والسلبية

شبكات التواصل الاجتماعي .. الآثار الإيجابية والسلبية
تشتهر بين الناس بعدة أسماء منها: مواقع التواصل الاجتماعي، وسائل التواصل الاجتماعي، وسائط التواصل الاجتماعي، شبكات التواصل الاجتماعي، منصات التواصل الاجتماعي.
وهي عبارة عن:
مجموعة البرامج والتطبيقات والمواقع الالكترونية التي تتيح التفاعل والتواصل بين البشر عن طريق الرسائل المكتوبة والمنطوقة والمرئية، وتمكن مستخدميها من إنشاء حسابات شخصية ، وتكوين علاقات مع مستخدمين آخرين تجمعهم نفس الاهتمامات أو الهوايات.



ومن أشهرها :
فيس بوك وتتبعه البرامج التالية (واتس أب، انستجرام، ماسينجر) تويتر ، سناب شات، تليجرام، يوتيوب، قوقل بلص، لينكدإن، فليكر، كيك، ماي سبيس، فايبر، تمبلر، بلارك، أوركوت، هاي فايف، شارنك، بينترإيست، فيمو، نينق، تاجيد.
ـ منها ماهو مشهور ومستخدم في أنحاء العالم مثل مجموعة من البرامج المذكورة سابقاً ، ومنها ما هو مقصور على دول معينة، مثل: كيوزن (في الصين) ميكشي (في اليابان) في كيه ( في روسيا)
ـ منها ما يحقق نجاحاً كبيراً في دول معينة ، ويحتل الصدارة فيها ، ويتراجع ترتيبه وشهرته في دول أخرى.
ـ منها ما ينجح بشكل سريع ويحقق انتشاراً واسعاً في أنحاء العالم مثل: يوتيوب، وفيس بوك، وتويتر، وواتس أب، وسناب شات ، ومنها ما يفشل ولا يحظى بالقبول ويموت سريعاً مثل برنامج(قوقل بز) الذي لم ينجح وفشل ولم يحظ بالانتشار والقبول، وأصدرت بعده الشركة برنامج (قوقل بلص) الذي حقق نجاحاً وقبولاً وأصبح ينافس بقوة، ومنها ما يصمد ويستمر ولكنه لا يحقق انتشاراً كبيراً، ويحظى باستخدام محدود وتأتي برامج أخرى تنافسه، وتسحب البساط من تحت قدميه.
ـ ومنها المواقع العامة التي تستخدمها جميع فئات المجتمع دون تحديد، ومنها ما تستخدمه فئات معينة مثل (لينكدإن) فهو يعتبر من الشبكات الاجتماعية المهنية والمتخصصة التي تجمع أصحاب التخصص الواحد والاهتمامات المشتركة حيث يقومون بتطوير مهاراتهم عن طريق النقاشات والحوارات وتبادل الخبرات، وهو أيضاً وسيلة للباحثين عن عمل للتواصل مع أصحاب المؤسسات والشركات وعرض خبراتهم ومهاراتهم وتسويق أنفسهم.



الآثار الإيجابية لشبكات التواصل الاجتماعي
ـ كسرت احتكار الحكومات والجهات الرسمية والأثرياء لإصدار الصحف ( جرائد ومجلات) وإنشاء المحطات الإذاعية والقنوات الفضائية، وجعلت أمر النشر والبث متاحاً ومفتوحاً للجميع بعد أن كان مقصوراً على هذه الجهات دون غيرها.
ـ كسرت احتكار العاملين في وسائل الإعلام التقليدية وتحديدهم لما ينشر ويبث فيها، وأتاحت للجميع بمختلف فئاتهم ومستوياتهم التعليمية والثقافية الكتابة والنشر والبث دون تدخل من حسيب أو رقيب.
ـ قضت على الحواجز الجغرافية والسياسية بين الناس، وسهلت التواصل بينهم أينما كانوا، وفتحت العالم على مصراعيه، وجعلت منه قرية قصيرة بل منزلا واحدا وعائلة واحدة.
ـ وفرت الكثير من الوقت والجهد والمال ، وجعلت عملية التواصل مع أشخاص آخرين في دول بعيدة عملية سهلة وسريعة ورخيصة أو مجانية في بعض الأحيان؛ فهي لا تحتاج إلا إلى جهاز حاسب آلي أو هاتف محمول مزودة ببعض البرامج والتطبيقات التي لا تحتاج إلى تعليم كثير ، ويمكن إتقانها من خلال الممارسة حتى من الشخص الأمي أو محدود التعليم.
ـ سهلت عملية التعرف على أصدقاء جدد يتشاركون نفس الأفكار ونفس الاهتمامات ، وأتاحت لهم تكوين العلاقات، وإنشاء المجموعات، وتبادل المعلومات والخبرات والآراء.
ـ مكنت الناس من التعبير عن أفكارهم وآرائهم بشكل مباشر وصريح حتى وإن كانت غريبة أو شاذة أو مخالفة لما هو سائد في مجتمعهم، وذلك من خلال المحادثات ، أو التعليقات، أو النصوص التي يكتبونها، او المناقشات التي يشاركون فيها.
ـ أصبحت مصدراً مهماً للحصول على الأخبار، ومتابعة المستجدات والأحداث الطارئة في لحظة وقوعها وقبل وسائل الإعلام الأخرى من إذاعات وقنوات وصحف ، وأصبحت وسائل الإعلام تهتم  بهذه المواقع، وتحرص أن تكون لها حسابات فيها للوصول إلى جمهورها وخاصة فئة الشباب حيث أثبتت الدراسات والبحوث أن هذه الفئة هم أكثر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ، وأن الوصول لهم يتطلب استخدام الوسائل التي يستخدمونها ويفضلونها على غيرها.
ـ ساعدت الإعلاميين والصحفيين على الحصول الأخبار والمعلومات بيسر وسهولة وهم في منازلهم أو مكاتبهم دون الحاجة إلى انتقالهم إلة أماكن الأحداث، أو مصادر المعلومات.
ـ ساهمت في تمكين مستخدميها من المشاركة في إعداد البرامج الإذاعية والتلفزيونية بتقديم مقترحات وأفكار جديدة لمعدي هذه البرامج ولمقدميها، وطرح أسئلة على ضيوف هذه البرامج.
ـ مكنت المستخدمين من إنشاء صفحات شخصية ينشرون فيها معلومات شخصية عنهم مثل السيرة الذاتية والصور الشخصية وآخر الأنشطة التي قاموا بها وإنتاجهم العلمي أو الفكري أو الإبداعي .
ـ ساهمت بشكل كبير في الترويج للبضائع والمنتجات الاستهلاكية، وأوجدت أنماطاً جديدة من أساليب الإعلان والترويج لم تكن موجودة في السابق، ومكنت صغار المنتجين والذين يعملون من منازلهم في التعريف بمنتجاتهم والترويج لها والإعلان عنها مجاناً. حتى الشركات الكبيرة والمنتجين الكبار اكتشفوا أنهم لا يمكنهم الاستغناء عنها سواء في الترويج لمنتجاتهم، أو التواصل مع عملائهم للتعرف على آرائهم في المنتجات ، أو في تنمية مشاريعهم وزيادة دخلهم عن طريق بعض الأفكار أو المشاريع الجديدة.
ـ أصبحت مصدراً للدخل لكثير من الأشخاص (ذكوراً وإناثا) الذين استغلوا كثرة عدد متابعيهم في الترويج والإعلان عن بعض السلع والمنتجات والمناسبات والنشاطات التجارية والاجتماعية بمقابل مادي.
ـ ساهمت في توفير فرص عمل للعاطلين والباحثين عن عمل من اطلاعهم بشكل متواصل على إعلانات الوظائف وطبيعتها وشروطها، وسهلت من عملية التواصل بين أصحاب العمل والباحثين عن العمل وقدمت خدمة كبيرة للطرفين.
ـ ساهمت في إنشار وابتكار مشاريع إبداعية، وتصميم برامج وتطبيقات تخدم المجتمع في مجالات الحياة المختلفة ، وتوفر الكثير من الوقت والمال والجهد، بالإضافة إلى تأمينها لدخل مادي لأصحابها والقائمين عليها.

الآثار السلبية لشبكات التواصل الاجتماعي:
ـ النقطة التي ذكرناها ضمن الإيجابيات والمتمثلة في كون هذه الوسائل أتاحت الكتابة والنشر والبث للجميع؛ أفرزت ظاهرة سلبية وهي : أنها أتاحت الفرصة وفسحت المجال للتافهين والجهلة والسفهاء والحمقى وحتى المرضى النفسيين لنشر وبث تفاهاتهم وحماقاتهم وغثائهم، وجعل كثيراً منهم يتصدر المشهد الثقافي، ويصبح من مشاهير المجتمع، ويحظى بالاهتمام والتقدير، ويتصدر المجالس ووسائل الإعلام، ويجني مبالغ كبيرة من استخدام اسمه أو موقعه أو صفحته أو حسابه في الإعلان والترويج . وقد كشفت هذه الظاهرة عن ظاهرة أخرى خطيرة وهي: تدني الثقافة والوعي وانحطاط الذوق لدى كثير من فئات المجتمع ذكوراً وإناثاً كباراً وصغاراً ممن يتابعون هؤلاء التافهين والجهلة ، ويساهمون في شهرتهم وارتفاع أعداد متابعيهم ، وهناك عبارة أصبحت تردد بكثرة في كثير من المجتمعات تدعو إلى مقاطعة وعدم متابعة هذه الفئة وهي: توقفوا عن جعل الحمقى مشاهير.
ـ أضعفت التواصل والحياة الاجتماعية بين الناس، وأدت إلى إحداث فجوة كبيرة في التواصل الفعلي والحقيقي، وأسهمت في الوحدة والعزلة الاجتماعية وقطيعة الرحم؛ حيث أصبح كل شخص مشغولا بحياته وعلاقاته الافتراضية بدلا من محاولة تقوية علاقاته الاجتماعية بأقاربه وبمن حوله، وأصبح كثير من الناس يعتمد على تلك المواقع في إقامة علاقات زائفة ، والتعرف على أشخاص جدد دون وجود احتكاك حقيقي بالواقع.
ـ أوجدت خللا كبيراً في العلاقات داخل الأسرة الواحدة والبيت الواحد، وقللت من لقاءات أفرادها وجلوسهم مع بعضهم، وإن جلسوا مع بعضهم في مكان واحد فكل واحد منهم مشغول بجهازه وعالمه الخاص.
ـ أسهمت بشكل كبير في نشر الأخبار الكاذبة، والمعلومات الخاطئة، والشائعات في المجتمع على نطاق واسع، مما أدى إلى انعدام الثقة في كثير من مما ينشر فيها نتيجة عدم التدقيق والتثبت فيما يتم تداوله، وقد ذكرت بعض الدراسات أن 80% من الشائعات التي تنتشر في المجتمع مصدرها الواتس أب .
ـ تستهلك كثيراً من وقت مستخدميها على حساب أمور أخرى أهم، وواجبات يومية أولى، وقللت ساعات العمل، وأثرت على إنتاج الفرد بسبب انشغال الموظفين عن عملهم. وأثرت بشكل كبير على مستويات التحصيل الدراسي عند الطلاب والطالبات.
ـ كانت سبباً مباشراً في حدوث كثير من المشكلات والخلافات الزوجية، وزادت في نسبة الطلاق في المجتمع؛ وذلك ناتج عن الوقت الطويل الذي تستهلكه على حساب الوقت المخصص لأعباء ومهام الحياة الزوجية، أو لإساءة استخدام هذه المواقع من أحد الزوجين في إقامة صداقات علاقات غير شرعية مع أطراف أخرى، أو قيام أحد الزوجين أو كلاهما بعرض تفاصيل حياتهم الخاصة لمتابعيهم في هذه المواقع.
ـ شجعت مستخدميها على الكسل وقلة الحركة، وزادت في معدلات تفشي بعض الأمراض كالسمنة وآلام الرقبة؛ بسبب الوقت الطويل الذي يمضونه في تصفح ومتابعة هذه المواقع، مما قلل من رغبتهم في الحركة أو الخروج من المنزل أو ممارسة الرياضة.
ـ خطورتها الكبيرة على المراهقين والأطفال لاحتوائها على مواد مخلة بالآداب، حيث أتاحت لهم الاطلاع على كثير من الأمور والمشاهد التي لم تكن متاحة لهم في السابق، وسهلت لهم التواصل مع الأشخاص السيئين والمنحرفين مما كان له الأثر الكبير على أخلاقهم وسلوكهم، وشجعهم على ارتكاب بعض الأخطاء، والوقع في بعض المحظورات والعلاقات التي يرفضها الدين والمجتمع.
ـ ساهمت بشكل كبير في ارتفاع نسبة حوادث السيارات نتيجة انشغال قائدي السيارات بتصفح ومتابعة هذه المواقع أثناء القيادة.
ـ أصبح من غير المكمن المحافظة على السرية والخصوصية في حياة مستخدميها بعد أن أصبحت حياتهم الخاصة وتنقلاتهم وأنشطتهم ومناسباتهم الاجتماعية وأسفارهم ومنازلهم وغرف نومهم متاحة للجميع ومعروضة بكامل تفاصيلها.
ـ زادت من احتمالية تعرض مستخدميها للاحتيال والقرصنة نتيجة لكون معلوماتهم الشخصية المتاحة في هذه المواقع عرضة للوقوع في أيدي المحتالين والنصابين واللصوص.
ـ استخدامها من بعض ضعاف النفوس، وممن ليس لديهم خوف من الله، أو إحساس  بالمسؤولية في الإساءة لأشخاص آخرين وإيذائهم وتتبع خصوصياتهم وابتزازهم وتهديدهم بما يحصلون عليه ويقع تحت ايديهم من معلومات أو صور.
ـ الاهتمام بمشاركة كل جديد أدى إلى نوع من الهوس لدى كثير من مستخدمي هذه المواقع لتصوير حياتهم الخاصة ومشاركتها مع الآخرين ، مما أفقدهم العفوية والبساطة في حياتهم ، وجعلهم يعيشون حياة غير طبيعية يغلب عليها التكلف والتصنع، وجعلهم في بحث دائم ومتواصل وعلى مدار ساعات اليوم عن أشياء جديدة ولقطات فيديو جديدة لمشاركتها مع الآخرين.
ـ شجعت على الكذب والنفاق من خلال ظاهرة الأسماء المستعارة والشخصيات الوهمية وخاصة في المحادثات حيث يتعامل أطرافها بشخصيات متعددة وأوجه كثيرة.
ـ استخدام التنظيمات المتطرفة والإرهابية لهذه المواقع في التواصل مع أعضائها المنتشرين في أنحاء العالم، وفي تجنيد أشخاص جدد.