" إن لم يكن بدً من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق، أو منافرة الحق، فأغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك، ولا تنافر الحق" ابن حزم : كتاب الأخلاق والسير

* وقالوا من أشدّ منّا قوة..الغرور الأمريكي والسنن الإلهية

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه قبل سنوات ازدادت لدى الأمريكيين مظاهر الاستكبار والغطرسة ، والشعور بالعظمة ، والتباهي بالقوة، والتفرد بالزعامة ، ولم تكتف طموحاتهم بالأرض ، وإنما تجاوزتها إلى الرغبة في السيطرة على الفضاء . وكلما تابعت طريقة الاستعلاء والاستكبار، واستعراض العضلات التي تتعامل بها أمريكا مع بقية دول العالم ، والتصريحات التي تصدر عن المسؤولين الأمريكيين ، وحديثهم عن الجيش الذي لا يقهر ، والسلاح الذي لا يقاوم ، وذراع أمريكا الطويلة التي تصل إلى كل مكان ، استحضر في ذهني قول الله عز وجل عن قوم عاد { فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منّا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ، فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون } فصلت 15ـ16 . لقد كان انتقام الله من قوم عاد وعقابه لهم على استكبارهم واغترارهم بقوتهم أن أهلكهم بريح صرصر عاتية { ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين } الأحقاف 24ـ25 .
ومن اللافت للنظر أن من أكبر المشكلات التي تواجهها أمريكا في السنوات الأخيرة المشكلة الناتجة عن الرياح والأعاصير العاتية المصحوبة بالأمطار والفيضانات ، والتي تكتسح بين فترة وأخرى بعض السواحل والولايات الأمريكية ، فتقطع طرق المواصلات ، وخطوط الاتصالات، وتخلّف وراءها الكثير من الخراب والدمار ، والأرقام المرتفعة من الخسائر المادية والبشرية ، ومن اللافت للنظر أيضاً أن الله عز وجل أعطاهم القدرة على رصد هذه الأعاصير ، ومعرفة مركز انطلاقها ، والتنبؤ بأوقات هبوبها ، وتحديد خط سيرها ، وسرعتها المتوقعة ، وذلك إمعاناً في التأكيد على عجزهم عن منع حدوثها ، أو تغيير خط سيرها ، أو الوقوف في وجهها ، وأقصى ما يستطيعون عمله هو إطلاق التحذيرات ، وإصدار الأوامر بإخلاء المناطق والمدن التي سيمر بها الإعصار ، ثم الجلوس بعد ذلك أمام أجهزة  التلفاز، وشاشات الأجهزة في مراكز الرصد لمشاهدة الإعصار ( العابر للقارات ) وهو يمضي في طريقه دون أن تـعتـرضه صواريخ ( الباتريوت ) أو تُغير عليه طائرات ( الشبح ) أو تقصفه صواريخ ( توما هوك ) فإذا ما انحسر الإعصار خرجوا من مخابئهم ، وبدؤوا في البحث عن الناجين ، ومعالجة المصابين ، ومواساة المنكوبين ، وتقدير حجم الخسائر ، وإزالة المخلفات ، ورفع الأنقاض، وفتح الطرق ، والاستعداد للإعصار القادم .
إننا نقول للأمريكيين كفاكم استكباراً وشعوراً بالعظمة { وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله } التوبة 3 ، ولا تغتروا بقوتكم وأسلحتكم {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون } الأنفال 59 ، أي لا يحسبون أنهم " فاتونا فلا نقدر عليهم بل هم تحت قهر قدرتنا ، وفي قبضة مشيئتنا فلا يعجزونا " ابن كثير 2/322 . واعلموا أن الزوال حتميّ ، والنهاية أكيدة ، وسنة الله ماضية { فأهلكنا أشد منهم بطشاً ومضى مثل الأولين } الزخرف8 .